إذا كان كل من جاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلفاء الراشدين، وولاة أمور الأمة الإسلامية مخاطبون بذلك، ومأمورون به، فما هو حكم قتال الكفار؟ ما حكم قتال الناس حتى يشهدوا شهادة الحق ويؤدوا ما عليهم من واجبات الإسلام؟ نجد الأمة مجمعة في القرون الأولى على وجوب مقاتلتهم، إلى أن اختلط المسلمون بغيرهم، وجاءت المدارس الغربية والشرقية، ونشأت أفكار جديدة باسم المقاربة بين المسلمين والمشركين، أو الكفار أو الكتابيين، ونادى بعض المتأخرين: بأن النصرانية انتشرت بالأخوة والتراحم والتعاطف، أما أنتم أيها المسلمون فنشرتم الإسلام بالسيف، فقام من هو مخدوع أو مخادع وقال: نحن كذلك، ليس عندنا سيف إلا دفاعاً عن النفس، ونشأت الفكرة الضالة، وأصبحت المعركة بين القديم والجديد: ما غاية الجهاد وقتال الناس؟ أهو الدفع عن الحوزة، والدفع عن البيضة، والدفع عن الإسلام والمسلمين، أم هو: (حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك فقد عصموا ... ) الحديث؟ فالمدرسة الجديدة تقول: إن كفوا كُفوا عنهم، شهدوا أو لم يشهدوا، صلوا أو لم يصلوا، زكوا أو لم يزكوا، ولا دخل لكم بهم، وقام الجدل وكتبت الكتب، ومن يقرأ في هذا الباب لبعض الكتاب في حدود المائة سنة الماضية، أو السبعين سنة، أو أقل -بل إن بعض الكتاب قد يكون معاصراً إلى عشرات السنين- يرى هذا المنهج الفكري واضحاً.