وقد جرى الاتفاق على أن شهادة أن لا إله إلا الله تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: نفي.
والقسم الثاني: إثبات، فـ (لا إله) نفي لجميع الآلهة، والإله بمعنى: المألوه، والمألوه: المتعلق به المحبوب، ومنه: الوله، ومنه: الولهان شديد الحب لما يحبه، والعبد متعلق بربه ولهان به، يجأر إليه ويلجأ إليه في كل أموره، ولهذا قالوا: إن القسم الأول نفي لكل مألوه أياً كان نوعه مما تألهه الخلق في جاهلية وغيرها من حجر أو شجر أو ملك أو فلك أو أي شيء، (لا إله) نفي لجميع المألوهين، و (إلا الله) إثبات الألوهية لله سبحانه وتعالى، فلا يؤله ولا يرجى ولا يحب ولا يرغب إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا فإن في قولك: (لا إله إلا الله) إثبات إفراد الله سبحانه وتعالى بالألوهية وهو غاية التوحيد.
والقسم الثاني من الشهادة: (وأن محمداً رسول الله) هنا في الشهادة كما قلنا: لابد أن ينطق بها قولاً، ويعتقدها قلباً، ويعمل بمقتضاها، فإذا قال: (لا إله إلا الله) بلسانه واعتقدها بقلبه ثم ناقض ذلك بفعله يكون فعله ناقضاً لقوله، فإذا قالها وتأله وعبد غير الله فلا ينفعه ذلك، وقد جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل حصيناً والد عمران بن الحصين فقال: (كم إلهاً تعبد؟ قال: سبعة، قال: أين هم؟ قال: ستة في الأرض وواحداً في السماء، قال: من الذي تلجأ إليه عند الشدة، وتسأله عند الحاجة؟ قال: الذي في السماء) فهل هذا يكفي ليكون موحداً؟ لا، بل لابد أن ينفي جميع الآلهة.