بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد: فقد تقدم الحديث الثاني من هذا الكتاب المبارك، وهو حديث جبريل أنه جاء وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أخبرني عن الإسلام؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، ثم سأله عن الإيمان والإحسان وعن الساعة.
ثم ها هو الإمام النووي رحمه الله يأتي بحديث: (بني الإسلام على خمس) وهو جزء من الحديث الذي قبله، مع أنه اشترط في المقدمة أنه ينتقي ويختار، ومعنى الانتقاء والاختيار عدم التكرار.
فكان من الممكن أن يقول قائل: يجزئ عن هذا الحديث جزء الحديث الذي تقدم قبله، ولكن لفقه النووي رحمه الله، ودقة فهمه في الحديث، جاء بهذا الحديث ضرورة ليتمم جزءاً في الحديث الذي قبله من جهة الحكم، وبيان أهمية ما أجاب به رسول الله صلى الله عليه وسلم في سؤال جبريل، وهي خمسة أشياء، فما حكم تلك الخمسة؟ وما مدى ارتباط بعضها ببعض؟ وما أهميتها في ذاتها؟ فجاء النووي رحمه الله بهذا الحديث ليبين أن الإسلام الذي سأل عنه جبريل عليه السلام، وأجاب بمقتضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن تلك المسميات هي: بناء الإسلام أي: أركانه! أي: ماهيته! أي: ضروريات وجود تلك المسميات ليوجد الإسلام! إذاً: ليس في هذا تكرار، ولكن فيه بيان لمجمل متقدم.