نعم في معاملة الخلق الذين لا يطلعون على سرائر ولا على ظواهر إلا إذا كانت بقرب منهم، تجد الإنسان كلما بعد عن الناس تبسط أكثر، يتبسط أكثر، تجده في غرفة نومه قد يتجرد من الثياب، وقد يحدث بصوت أو بغير صوت، ثم إذا خرج عن الغرفة إلى الصالة مثلاً لا يخرج إلا وقد استتر، لكنه يتخفف من كثير من الأمور، قد يخرج بسروال وفنيلة إلى الصالة، قد يخرج إلى الفناء بحيطة أكثر من ذلك، ثم يخرج إلى باب المنزل بثيابه العادية، لكن لا يخرج إلى المجتمعات التي يجتمع فيها الملأ، أو يروح إلى الدوام بثياب أقل، ما يمكن، ومع الأسف أن الناس يحتاطون للمجامع والمحافل إذا أراد أن يذهب إلى مناسبة، إلى الدوام تجده يلبس أحسن ثيابه، لكن إذا ذهب لصلاة الفجر قد يذهب بقميص النوم، والله -جل وعلا-يقول: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [(31) سورة الأعراف] يعني عند كل صلاة، ولا شك أنه كلما بعد عن أخص اختصاصاته يحتاط أكثر، ولذلك الإمام مالك -رحمه الله- له ملحظ دقيق في الموطأ يقول: للإنسان إن يلبس الثوب الذي فيه شيء من المخالفة في بيته وفنائه، يلبس أحمر وما في مانع، يلبس ثوب نازل شوي لكن ما يطلع به إلى الناس ويقابل به الناس.
فالله -جل وعلا- المطلع على السراير، على كل مسلم أن يستحضر هذه المنزلة، ويحاول تطبيقها بقدر الإمكان، وإن كان الرآن قد غطى على القلوب فصارت لا تفرق في أي مجلس كان، فيخشون الناس ولا يخشون الله، والله المستعان {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ} [(108) سورة النساء]-جل وعلا-.