الآن في صفوف طلاب العلم لا أعني المغرم مثلاً بالكتب، تجده يذكر له تركة في البلد الفلاني فيسافر ويترك بعض الوجبات، أو في طرف البلد في الحي الفلاني فتجده في طريقه إلى هذه المكتبة قد تفوته الصلاة، فالموازنة بين الواجب وبين ما هو أوجب هذا أمر لا بد منه، والمفاضلة بين العبادات مسألة كبرى في الشرع، يعني لو دخل أحدكم المسجد النبوي وبينه وبين الصفوف ما يتسع لمائة صف من أجل أن يدرك الركعة يصلى عند الباب، أو يذهب ليتقدم ليصل الصفوف الأولى، أيهما أولى؟ هو في السور، وليس بفذ صلاته صحيحة، وإن كان بينه وبين الإمام فجوات؛ لأنه داخل المسجد، وليس بفذ صلاته صحيحة، لكنه كل ما تقدم أفضل، كلما وصل صفاً وصله الله، لكن إذا نظر إلى المسألة من جهات أخرى، قال: إذا تقدمت فاتني ركعة أو ركعتين، وقام السرعان وشوشوا علي صلاتي ومروا بين يدي، وإن كان هناك جنازة فاتت، وأخذ يوازن بين هذه المصالح والمفاسد، قد يترجح له المفضول في مقابل هذا الفاضل لأمور أخرى، وأهل العلم يقررون أن المفوق قد يعرض له ما يجعله فائقاً، هذه مسألة المفاضلة مسألة كبيرة، وفيها أيضاً الكلام الكثير لأهل العلم، وأما التمييز بالنية فهذه أيضاً فيها مصنفات، وللنية أحكام كثيرة من أجود ما كتب فيها: "نهاية الإحكام في ما للنية من أحكام" هذا مطبوع قديم بمصر وأظنه جدد طبعه، فالكتاب جامع لأحكام النية.
العلماء تكلموا فيه بما يحتمل مجلدات، لو أدخلناه في جميع أبواب الدين نحتاج إلى ذكر جميع الأبواب.
النية: تميز عبادة من عبادة، تميز عبادة من عادة، وتميز العمل الصحيح من الباطل، وهكذا فنقتصر على هذا وننتقل إلى الحديث الثاني.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم