يعني لو أخذها الإمام قهراً عن الممتنع تصح وإلا ما تصح؟ يعني من حيث الحكم تصح، من حيث الحكم بمعنى أنها تسقط الطلب فلا تأخذ منه مرة أخرى صحيح، لكن الإثم حاصل وإجزاؤها عند الله -جل وعلا- هذا أمر غيبي، وتجدون فرق في هذا الباب بين الفقهاء وبين علماء السلوك الذين يتعاملون مع الأعمال القلبية بكثرة، تجدون بوناً شاسعاً الفقيه يصحح باكتمال الشروط والأركان والواجبات، وذلك ينظر إلى ما هو أخص من ذلك، مسألة الإخلاص لله -جل وعلا- ينظرون إليه، وذكرنا مراراً الشخص الذي حج من بغداد ثلاث مرات ماشياً، حج ثلاث مرات من بغداد ماشياً، لم رجع من الحجة الثالثة دخل البيت برفق فإذا الأم نائمة فنام بجوارها انتبهت فأحست به، فقالت له: يا فلان، اسقني ماء، الماء خطوات، الماء خطوات، الرجل جاء من ألوف الكيلوات ماشياً وتعباناً وكأنه لم يسمع، ثم انتبهت ثانية فقالت: يا فلان، اسقني ماء كذلك، ثم الثالثة هب من نومه وجاء بالماء، ثم أخذ يحاسب نفسه يقول: تعبت ماشياً نفلاً على قدميك ألوف الكيلوات، والواجب الذي بينك وبينه خطوات تتقاعس فيه، هذا إذا سأل فقيه إيش يقول: الحج صحيح وإلا باطل؟ صحيح شروط، وأركان، وواجبات كلها متضافرة، وحج لله-جل وعلا- هذا المظنون به، فسأل واحداً من النوع الثاني فقال: أعد حجة الإسلام، أعد حجة الإسلام، كثير منا يحس في بعض المواضع أنه اهتم بأمر وضيِّع بسببه ما هو أوجب منه؛ لأنه قد تكون هذه المرأة، هذه الأم العجوز الكبيرة بحاجة ماسة إلى هذا الولد الذي حج على قدميه، وهو يحتاج في حجه إلى ستة أشهر أو أكثر.