((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله)) وهذه الجملة حذفت من الموضع الأول من صحيح البخاري، حذفت من الموضع الأول من صحيح البخاري، والحافظ ابن حجر يرجح أن البخاري هو الذي حذفها لا شيخه الحُميدي، وبعضهم يقول: الحميدي، لكن لماذا حذف البخاري هذه الجملة ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله))، حذفها من أول موضع، وذكرها في المواضع الأخرى؟ لأنه لم يحذفها لعلة قادحة فيها، لا أثبتها في مواضع أخرى، إنما قالوا: إن البخاري لم يذكر مقدمة لكتابة فجعل حديث: ((الأعمال بالنيات)) كالمقدمة، فجعل حديث الأعمال بالنيات كالمقدمة؛ لأنه يؤلف في علم وأي علم، وحي السنة، عبادة محضة تحتاج إلى نية، فأراد أن يبين أن العمل هذا الذي نعمله من العبادات التي تحتاج إلى نية، لكن حذف ((من كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله)) لئلا يظن به أنه زكى عمله بهذه الجملة، بينما ذكرها في مواضع أخرى لا إشكال في ذكرها، لكن الآن وهو يضع هذا الحديث كالمقدمة لكتابه ليبين أن الإخلاص لا بد منه في جميع الأعمال، وحذف هذه الجملة لئلا يظن به أنه زكى نفسه، وجزم لنفسه بأن هجرته إلى الله ورسوله، وعمله خالص لوجهه، تركه.
((فهجرته إلى الله ورسوله)) من كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، الجزاء نفس الشرط هذا صحيح وإلا ما هو بصحيح؟ يعني يصح أن أقول: من قام قام، من أكل أكل، من شرب شرب يصح وإلا ما يصح؟ ما يجوز أن يتطابق الشرط مع الجزاء؛ لأن الجملة ما تفيد شيئاً من قام قام، وبعدين ماذا يستفيد السامع من قولنا: من قام قام، من جلس جلس؟ وبعدين ويش يصير، هل لهذا الكلام فائدة؟ إلا إذا قدرنا يعني ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)) نية وقصداً، ((فهجرته إلى الله ورسوله)) ثواباً وأجراً فاختلف الجزاء عن الشرط، وحينئذ يستقيم الكلام ((من كانت هجرته إلى الله ورسوله))، يعني مخلصاً في ذلك لله -جل وعلا-، مهاجراً إلى رسوله من مكة إلى المدينة ((فهجرته إلى الله ورسوله)).
((الهجرة)): عمل شرعي، وأصلها الترك، في اللغة: الترك.