يقول: ((إنما الأعمال بالنيات))، هذا حصر، وجاء في بعض الروايات: ((لا عمل إلا بنية))، لا عمل إلا بنية، فالنفي والإثبات مثل الحصر بإنما، هما من أساليب الحصر فلا عمل إلا بنية، أما الذي لم ينوي بعمله النية الصالحة الخالصة لله -جل وعلا- هذا لم يعمل، قد يقول قائل: إنه عَِمل، فكيف تنفى حقيقة عمل وهو موجود؟ نقول العمل الذي لا يقبل وجوده مثل عدمه ((صلِّ فإنك لم تصلِّ))، لو قال قائل: بأنه صلى ركعتين، لو قال لما قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: لم تصل، قال: صليت، النفي إنما هو للحقيقة الشرعية، وأما مجرد الصورة في الظاهر، إذا لم توافق ما جاء عن الله وعن رسوله فليس لها حكم ووجودها مثل عدمها، ولذا قال: ((صلِّ فإنك لم تصلِّ))، وسواء كان الخلل في القصد في النية، أو في المتابعة، قد يكون المسيء مخلص لله -جل وعلا- لما كبر وصلى، لكن شرط المتابعة اختل فوجود هذا العمل مثل عدمه، ولذا صح نفيه ((صلِّ فإنك لم تصلِِّّ))، الذي يصلي بدون نية، الذي يتوضأ بدون نية، الذي يصوم بدون نية هذا ليس بصيام ولا بصلاة ولا بوضوء شرعي؛ لأن العمل الشرعي إنما هو ما أقترن بالنية، ولذا قال: ((إنما الأعمال بالنيات)).
((بالنيات)) جمع نية، والنية يعرفونها: بالقصد والعزم، ويقولون في كتب اللغة: النية في اللغة: القصد، وحتى الشراح يقولون هذا يقال: نواك الله بخير، أي: قصدك به، يعني هل هذا الكلام يحتاج إلى توقيف؟ يحتاج إلى دليل؛ لأنه مما يضاف إلى الله -جل وعلا-، أو لا نحتاج إلى دليل؟ يعني لماذا لا نقول نواك زيد بخير مثلاً، أي: قصدك، وما يضاف إلى المخلوق لا يحتاج إلى دليل، إلا إذا كان زيد من الناس معلوم بذاته فنحتاج إلى مطابقة هذا الخبر للواقع أن يكون صدقاً، إذا قلنا: نواك الله بخير، أي: قصدك هل نحتاج إلى نص أن مثل هذا المسند، يمكن يسند إلى الله -جل وعلا- أو لا نحتاج؟ الأسماء والصفات توقيفية لا يخالف في هذا أحد، لكن مثل هذا الإخبار يحتاج إلى توقيف، وإلا دائرة الإخبار أوسع؟
الطالب: أوسع
نعم دائرة الإخبار أوسع، ولذا يرددونها في الشروح من غير نكير.