عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو يعطى الناس بدعواهم)) يعني لو كل إنسان أعطي ما يدعي، كل إنسان يدعي شيئاً يعطاه، ((لادّعى رجال)) وأيضاً نساء، ((أموال قوم ودماءهم)) ولكن هناك قاعدة شرعية للخصومات، ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) المدعي جانبه ضعيف؛ لأنه يدعي شيئاً ليس بيده، والمدعى عليه جانبه قوي؛ لأنه يدعى عليه شيء أنه ليس له وهو بيده وفي حزته وفي ملكه وفي قبضته، فاشترط لصاحب الجانب الضعيف البينة التي هي أقوى، وطلب من المدعى عليه صاحب الجانب القوي ما لا يطلب من المدعى عليه، فجانب المدعي ضعيف يحتاج إلى من يدعمه بشهادة غيره، وجانب المدعى عليه هو الأقوى فاكتفي بيمينه ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) لأن الأصل أن من أنكر أن الذي بيده له، فيكتفى بيمينه، يقبل قوله لكن بيمينه، لتكون هذه اليمين في مقابل الدعوة، هناك احتمال أن يكون المدعي صادق في دعواه لكن ليست لديه بينة، فجعل في مقابل هذا الاحتمال اليمين، ولا يضيره أن يحلف ولا ينقصه أن يحلف إذا كان صادقاً ((البينة على المدعي)) ((لو يعطى الناس بدعواهم)) لأن كل إنسان غرس فيه حب المال ومتع الدنيا وما يستفاد منه فيها، فتجده من باب الأثرة والاستئثار بالشيء دون الغير قد يكذب في دعواه، قد يكذب فيقول: هذا المتاع لي، وهذه الدراهم لي، وهذه الأرض لي، فلو كل من قال: هذا لي يعطى لتطاول الناس على أملاك الغير وادعوها ((لادعى رجال أموال قوم ودماءهم)) يدعي على هذا أن هذا المال له، وأن هذا قتل أباه أو أخاه، لكن القاعدة الشرعية: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) ادعيت هات، الدعوة لا تقبل إلا ببينة {هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} [(111) سورة البقرة] فإذا لم يجد بينة، وبينة مقبولة شرعاً لها شروط، والأصل فيها الشهادة {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} [(282) سورة البقرة] الأصل فيها الشهادة، هذه هي البينة، ومن أهل العلم من يرى أن كل ما يبين إصابة المدعي، وأنه محق يقوم مقام الميت، ويجعلون القرائن القوية بمثابة البينة، وقرر هذا ابن القيم في الطرق الحكمية، يعني لو أن شخصاً على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015