"عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر" العرب كانوا لا يهتمون ولا يحتاطون في الأسماء، ولا يكترثون لها، هذا اسمه جرثوم بن ناشر -رضي الله تعالى عنه-، يقولون: الآن هذه الأسماء بعضهم يلحظ ملحظ أن العدو إذا سمع مثل هذا الاسم الخشن يخاف "جرثوم بن ناشر -رضي الله تعالى عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله تعالى فرض فرائض)) " وما زال الأعراب على هذا، يسمون أسماء قريبة من هذا، بل عندهم ما هو شر من هذا، أو أشد منه.
"عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله تعالى فرض فرائض)) " فرض فرائض، أوجب واجبات ((فلا تضيعوها)) التزموا بها، واعملوها، وحافظوا عليها، ولا تفرطوا فيها ((وحد حدوداً)) حرم محرمات ((فلا تعتدوها)) وأيضاً وضع أشياء محددة عقوبات على بعض المحرمات فلا تجوز الزيادة عليها، ((وحرم أشياء)) منعكم من أشياء، ورتب عليها الإثم، وقد يرتب عليها الحد فلا تنتهكوها، الحلال بين، والحرام بين، الواجب لا بد من العمل به، ويأثم تاركه، والمحرم لا بد من تركه، ويأثم فاعله، وسكت عن أشياء، ما عدا ذلك، ما نص على وجوبه، وما نص على تحريمه، وما جاء الشرع بطلبه، وما جاء الشرع بالكف عنه، كل هذا معروف ومقرر بالأدلة، وما عدا ذلك تركها وسكت عنها رحمة لكم، رحمة بعباده، فيبقى ما عداها على الأصل وهو الإباحة ((فلا تسألوا عنها)) فلا تبحثوا عنها، تنقروا عنها، تأتي في شيء لا نص فيه تسأل عنه، لا سيما في وقت التنزيل الذي قد ينزل نص بمنعه، وأشد الناس جرماً في المسلمين من سأل عن شيء فحرم من أجله.
((وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها)) لكن ما حرمه الله لا بد أن يجتنب، وما أمر به لا بد أن يفعل ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه)) وقد تقدم، وما سكت عنه -جل وعلا- فلا تبحثوا عنه؛ لأنه لا يسكت عنه نسيان؛ لأن المخلوق قد يذكر أشياء، ثم ينسى أشياء يتأكد منها، هل هي مطلوبة أو غير مطلوبة؟ لكن الله -جل وعلا- ما سكت عنه فإنه إنما سكت عنه رحمة بعباده وخلقه، فليس نسياناً لها، فمثل هذه لا يبحث عنها، وإن كان تركها احتياطاً هو صنيع كثير من السلف، ترك كثير من الأمور التي ليس فيها نص، بل كثير من المباحات التي جاء النص بإباحتها احتياطاً وسياجاً لئلا يرتكب ما منع الإنسان منه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.