"ثم قال: ((ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ )) " ألا، تنبيه ((ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ )) قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((رأس الأمر الإسلام)) يعني تستسلم لله -جل وعلا- في جميع أمورك، وتسلم قيادك لله، لأوامره ونواهيه، هذا رأس الأمر، ((وعموده الصلاة)) أعظم أركانه العملية، ((وذروة سنامه الجهاد)) لأنه هو الذي يرتفع به شأن الأمة، وإذا تركت الجهاد ورضيت بالدنيا، ضرب عليها الذل الذي لا يرفع إلا بمعاودة هذا الأمر.
"ثم قال: ((ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ )) قلت: بلى يا رسول الله" الذي يجمع هذه الأمور كلها "قلت: بلى يا رسول الله" فأخذ بلسانه، بلسان نفسه؛ لئلا ينسى معاذ؛ لأنه لو أخبره مجرد خبر قد ينساه، لكن إذا تصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمسك بلسان نفسه فإنه لن ينسى هذا الموقف، فأخذ بلسانه "وقال: ((كف عليك هذا)) قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ " يعني كثير من الناس لا يفتر عن القيل والقال، كأنه لا يدري أنه يحاسب على هذا الكلام، ولذا استبعد "وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ((ثكلتك أمك يا معاذ)) " يعني فقدتك، وهذا الدعاء يجري على اللسان من غير قصد، وهذا كثير في كلام العرب.
((ثكلتك أمك، وهل يكب الناس)) يلقيهم ((في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم)) أو قال، يعني شك، هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام- على وجوههم، أو قال: على مناخرهم؟ والمناخر جزء من الوجه ((إلا حصائد ألسنتهم)) يعني ما يحصدونه من جراء ما يتكلمون به.
"رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح".
سم.
قال المؤلف -عليه رحمة الله-:
عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها)) حديث حسن رواه الدارقطني وغيره.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثلاثين: