"عن أبي نجيح العرباض بن سارية -رضي الله تعالى عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وعظنا ذكرنا بالقرآن، وبشيء من كلامه الموحى إليه من سنته -عليه الصلاة والسلام- الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وعظهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وذكرهم وخوفهم وأنذرهم وبشرهم، وأمرهم ونهاهم، وعظهم موعظة، يعني عظيمة مؤثرة، وجلت منها القلوب، خافت منها القلوب، لا سيما وأنها صادرة ممن لا ينطق عن الهوى، من أنصح الناس للناس، وأشفقهم عليهم، لا شك أن الموعظة إذا خرجت من قلب سليم ناصح أنها تؤثر.
"موعظة وجلت منها القلوب" خافت خوفاً شديداً "وذرفت منها العيون" فاضت منها الدموع نتيجةً لهذا الخوف وهذا الوجل "فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع" يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا خطبهم في الجمعة كأنه منذر جيش، اعتلى صوته، ويحمر وجهه -عليه الصلاة والسلام- كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، ليؤثر في خطبته -عليه الصلاة والسلام-، وهنا وعظهم موعظة، وذكرهم وخوفهم بهذه الموعظة المؤثرة التي ترتبت عليها آثارها، ونحن نسمع المواعظ، نسمع القرآن الذي جاء الأمر بالتذكير به،
{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق] نسمع القرآن بأعذب الأصوات ومع ذلك لا نتأثر لقساوة في القلوب، وجفاف في الدموع والأعين، والسبب في ذلك الران الذي غطى على القلوب من المكاسب والمطاعم وغيرها.
"كأنها موعظة مودع" كأنهم رأوا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء بكل ما عنده، كأنه لا يريد أن يلقاهم بعد هذه الموعظة.