((استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب)) إذا كنت ترتاح لهذا العمل وأنت قلبك سليم، وفطرتك مستقيمة ما اجتالتك الشياطين فالبر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب ((والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر)) يعني سألت عن حكم مسألة وارتحت واطمأن قلبك إلى جواب من أفتاك هذا البر، لكن إذا كنت سألت هذا العالم وأفتاك بكلام لم ترتح له، لا سيما إذا كان يوافق هواك، ارتكبت شيئاً في حج أو عمرة ثم سألت من تثق بعلمه، وقال: ما عليك شيء، وأنت ما زال في قلبك شيء، احتمال أن يكون عليك دم، فأنت إذا ترددت في هذا اسأل غيره، اسأل غير هذا العالم لتطمئن، فإذا أفتاك ثاني خلاص انتهت المشكلة، وأما إذا أفتاك بما يخالف هواك الأول قال: عليك دم، تقول: والله أنا ما أنا مرتاح لهذا الجواب، ليش ما أنت مرتاح؟ لأنه لا يوافق هواك، لا لأن صدرك مرتاح وقلبك مطمئن، فمثل هذا الذي يغلب على الظن أنك تبحث عن رخص.

((والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك)) يعني مهما أفتوك وأنت في تردد من هذا، فلو قدر أن شخصاً على مذهب لا يرى أكل مثل هذا الحيوان، ثم ذهب يستفتي من يرى حل هذا الحيوان، بيرتاح لهذه الفتوى وإلا ما يرتاح؟ حنبلي سأل شافعي مثلاً أو مالكي عن الثعلب يؤكل وإلا ما يؤكل؟ قال: يؤكل، هذا السائل بيرتاح لهذه الفتوى؟ إلا لهوى في نفسه، هو محتاج للأكل، قد يكون محتاج للأكل فيوافق هواه، حينئذٍ لا يرتاح، وإن أفتاه من أفتاه، لو أفتاه الإمام الشافعي برأسه، والإمام مالك نجم السنن، فإنه حينئذٍ لا يرتاح؛ لأنه شب على كراهية مثل هذا اللحم أو تحريم هذا اللحم.

((وإن أفتاك الناس وأفتوك)) حديث حسن، رويناه، وعلى اصطلاح ابن الصلاح يقول: "رويّناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن.

والحديث فيه انقطاع، ولكن له شواهد، شواهد منها حديث النواس بن سمعان الذي قبله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015