نعود إلى حال حسان بن أبي سنان وهو يقول: ما رأيت شيئاً أهون من الورع، ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) هذا بالنسبة لأمور الآخرة، وما يتعلق بالثواب والعقاب ظاهر، لكنه من أشد الأمور على النفوس، ذكرنا أن سفيان استغرب هذا الكلام من حسان، لكن حسان بالمقام الذي يناسب مثل هذا الكلام، وقد يقوله قائل ومقامه دون، قد نقوله اتباعاً للنص، تسأل فتقول: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) هذا الأمر سهل، نعم في الكلام النظري سهل، لكن عند التطبيق من أصعب الأمور، يعني سهل على الإنسان أن يأتي إلى شخص مصاب ويصبره، ويقرأ عليه النصوص، لكن ماذا عنه نفسه لو أصيب؟ لو أصيب هو يستطيع أن يستحضر هذه النصوص ويصبر الصبر المطلوب؟ كثير من الناس لا يحتمل هذه الأمور، نعم عنده استعداد تام لتصبير غيره، ويظهر بمظهر هو من أرضى الناس بقدر الله، ثم إذا أصيب ظهرت النتيجة صفر؛ لأن الكلام النظري سهل، والتطبيق العملي هو المحك، يعني بعض الناس يأتي إلى مريض مريض سكري مثلاً، يقول: العلاج سهل اقبض يدك وأطلق رجلك، يعني لا تأكل كثيراً، وامش كثيراً، العلاج سهل، لكن خله يصاب هو وشوف، يعني يصاب بنهم شديد على كل ما له أثر في هذا المرض، وهذا مجرب عند المرضى كلهم، بعض من يصاب يستغفل أهله وزوجته وأولاده ويذهب إلى المستودع ويأكل مما يؤثر فيه، يصاب بنهم قد يكون قبل ذلك ليست الشهوة بمثل ما هي عليه الآن بعد المرض، فالعبرة بالتطبيق، بالعمل، أما الكلام النظري هذا أكثر الناس يحسنه، سهل، لكن ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) إذا قاله مثل حسان بن أبي سنان فمنزلته مثل ذلك، بل قيل عنه: إنه أرفع من ذلك، رحمه الله.

هذا الحديث يدخل كسابقه ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)) يدخل في كل شيء، حتى جعلوه من الأحاديث الأربعة التي جاءت في نظم طاهر بن المفوز الذي ذكرناه في أول الحديث:

عمدة الدين عندنا كلمات ... أربع من قول خير البرية

هاه؟

اترك الشبهات وازهد ودع ما ... جج ليس يعنيك واعملن بنية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015