((يريبك)) من راب الثلاثي، وقد يقال: أراب يريب رباعياً إلى اترك هذا الشيء الذي ترتاب فيه، وتشك فيه إلى أمر أو إلى شيء لا تشك فيه، ولا ترتاب فيه، وهذا من أصعب الأمور على كثير من الناس، التخلي عن المشكوك فيه مع الحاجة إليه صعب على النفوس، مع أن البخاري ذكر عن حسان بن أبي سنان قال: ما رأيت شيئاً أهون من الورع، الورع سهل، ما رأيت شيئاً أهون من الورع ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) هذا الكلام من مثل حسان مقبول؛ لأن هذه منزلته، وعرف عنه الورع الشديد مع أن سفيان استغرب هذا الكلام، وهو سفيان الثوري من أئمة المسلمين ومن ساداتهم، ومن أزهد الناس وأورعهم، ومع ذلك يقول: كيف يقول حسان هذا الكلام؟ لكنها مقامات، بعض الناس يظن هذا الأمر ضرب من الخيال، يعني بعض الناس ما يستوعب مثل هذا الكلام؛ لأنه لا يستطيع ولا يتصور أن يحصل منه هذا الأمر، بعض الناس إذا سمع أن قراءة القرآن في سبع أمرها سهل جداً، قال: هذا ما هو بصحيح، هذا مستحيل، فضلاً عن أنه يقرأ القرآن في ثلاث وفي يوم، هذا شيء لا يطاق في عرف كثير من الناس؛ لأنه ما تعود هذا الأمر، ولا اطر نفسه على هذا العمل، يعني يتعجب بعض الناس من صيام بعض الناس النوافل في الصيف، وبعضهم يتعجب من قيام الليل في الليالي الشاتية الطويلة، ويرى أن هذا أمر لا يطاق، لكن المسألة كل له مقامه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه -عليه الصلاة والسلام-؛ لعلو مقامه ومنزلته ومكانه عند الله -جل وعلا-، وحسان بن أبي سنان يقول: ما رأيت شيئاً أهون من الورع، الكلام النظري سهل، ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) لكن المحك عند العمل، إذا وقع بيدك شيء أنت بحاجة إليه اختبر نفسك في هذا المقام، وليس الأمر خاص بأمر الدنيا، تجد متاع سيارة في كيفية عقدها شبهة ثم تتجاوز وتسكت لا، حتى عند بعض طلاب العلم يقع في يده الكتاب النفيس النادر فيكون في عقده شيء يبي يترك هذا الكتاب الذي وقع بيده بعد أن تعب عليه، وحرص عليه، وبحث عنه سنين؟! أو هذا يدع هذا البيت الذي ما صدق أنه يوقع العقد، هذه أمور يعني فيها منازعة في النفوس، وفيها مشادة، فيها جذب وأخذ ورد، لكن من يغلب نفسه وهواه هذا هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015