عنها بجملة تعوق عن تحصيل العلم, وإن استفاد منها القارئ كثرة كلام وإنشاء واستطاعة في التحدث في كل مجال يريده سواء كان يأوي إلى دليل, أو لا يأوي إلى دليل, المقصود أن مثل هذا لا يفيد طالب العلم شيئاً، فكل خير في اتباع من سلف. ولذا يقول الحافظ بن رجب -رحمه الله تعالى- في فضل علم السلف: "إن من فضل عالماً على آخر بكثرة كلامه فقد أزرى بسلف هذه الأمة, أزرى بسلف هذه الأمة، وكانوا مما يكرهونه تشقيق المسائل"، وكانوا يرون أن الشخص المتحري لألفاظه الذي ألفاظه قليلة ويتحرى فيها، هذا هو الذي يوفق في الغالب للإصابة بخلاف من كثر كلامه، وفي المثل: "من كثر كلامه كثر سقطه وزلَله" وهذه مسألة قد تشكك على كثير من المعلمين والمتعلمين، والمعلمون في هذه العصور متورطون فيها، يعني: مثل صنيعنا الآن ساعة، ساعة ونصف في حديث واحد وتجد من يستطيع أن يتكلم على الحديث بخمس دقائق، فهل هذا مما يمدح أو مما يذم؟ يعني: إحنا صنيعنا واقع في الممدوح أو في المذموم؟ هل هذا نقول تشقيق مسائل لا فائدة منها وتضييع أوقات وتضييع جهود وبدلاً من أن تشرح الأربعين في دورة واحدة تحتاج إلى دورات؟ ونسمع من يشرح الأربعين في يومين، يعني: وضعت دورة لبعض المشايخ الأربعين لمدة خمسة أيام شرحها في ثلاثة أيام واعتذر عن يومين وانتهى، يعني: هل نقول أن هذه القلة مطلقا هي صنيع السلف والإسهاب والتطويل هو صنيع الخلف، يعني إذا قارنا كلام الإمام أحمد بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية مثلاً الإمام أحمد يجيب عن المسألة بجملة, وقد يجيب بكلمة يعجبني أو لا يعجبني، وشيخ الإسلام يجيب عن فتوى بمائتين وثلاثين صفحة، يقول: "كتبت الجواب وصاحبه صاحب السؤال مستوفز يريده", يعني: ما جلس على الأرض فكتب هذا الجواب طبع بمائتين وثلاثين صفحة من الفتاوى، كتاب الحموية جواب، والتدمرية جواب، الواسطية جواب، هل نقول إن هذا من التطويل الذي لا ينفع ومن تشقيق المسائل؟ أو نقول لما احتاج الناس إلى التفصيل ألجأ أهل العلم إلى التفصيل وكانوا يذعنون لمجرد الكلام من العالم في السابق العالم الموثوق به إذا قال: يعجبني خلاص انتهى الإشكال أو لا يعجبني، لكن الآن إذا قال يعجبني يكفي؟ ما