الجملة فإنه من أساليب الحصر، أساليب الحصر, فكأن الدين كله النصيحة، وكأنه قيل: ما الدين إلا النصيحة، أو قيل: إنما الدين النصيحة, هذا حصر كما في قوله: "أنما الأعمال بالنيات" أسلوب حصري وتعريف جزأي الجملة من أساليب الحصر الدين النصيحة، وجاء في الحديث: ((الحج عرفة))، الحج عرفة هذا أيضاً حصر, لكن إذا تأملنا في الحديثين الحج عرفة فقط، يعني: الحاج يأتي إلى عرفة ويجلس فيها ويقف فيها ويرجع لا يحرم، لا ينوي الدخول في النسك وهو ركن، ولا يطوف، ولا يسعى وهو ركن، ولا يبيت في منى ومزدلفة وهما من الواجبات، ولا يحلق أو يقصر من شعره وهو واجب من الواجبات، إذا قلنا بمقتضى الأسلوب الحصري, قلنا: للإنسان أن يأتي إلى عرفة ويرجع؛ لأن الحج عرفة، لكن الأمر كذلك أولى، ليس الأمر كذلك، بل أركان الحج كما هو معروف، نية الدخول في النسك، والوقوف بعرفة, والطواف, والسعي، يعني كلها لا بد منها كلها أركان، إذا ما فائدة الحصر في قوله: ((الدين النصيحة)) أو ((الحج عرفة))؟ يعني: هناك حصر حقيقي, وهناك حصر إضافي، الحصر الحقيقي إذا اقتضى مفهومه انتفاء ما عداه، هذا حصر حقيقي، لا إله إلا الله، يعني: لا معبود بحق إلا الله, هذا حصر حقيقي؛ لأنه لا يوجد غيره من يعبد بحق لا يوجد سوى الله - جل وعلا -، وأما بالنسبة لـ ((الدين النصيحة))، و ((الحج عرفة))، والشاعر حسان، والكريم حاتم، وهكذا من الأسانيد التي يفهم منها الحصر, لكنه حصر إضافي، حصر إضافي وليس بحصر حقيقي، فرق بين الحصر الحقيقي الذي له مفهوم والحصر الإضافي الذي لا مفهوم له.