ثم بعد ذلك عطف عليه -عليه الصلاة والسلام- سائر النبيين، فالأنبياء يصلى عليهم استقلالاً، يصلى عليهم ويسلم استقلالاً، وأما من عداهم فيصلى عليهم ويسلم تبعاً، إذا ذكروا بعده -عليه الصلاة والسلام- يصلى عليه: اللهم صلى على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، يصلى عليهم تبعاً لا استقلالاً في قول أكثر أهل العلم، ومنهم من جوز الصلاة على غير الأنبياء، والمسألة بحثها ابن القيم -رحمه الله تعالى- في "جلاء الأفهام" وفي غير موضع من كتبه، فمنهم من يرى جواز الصلاة على غير الأنبياء على جهة الاستقلال، لكن لا يتخذ شعاراً لواحد بعينه، ما يقال أبو بكر -صلى الله عليه وسلم- باستمرار ولا يقال لغيره، أو صلى الله على عمر أو على علي -عليه الصلاة والسلام- لا؛ لأن هذا يبين عن شيء في النفس، يبين عن شيء في النفس، لكن لو قيل مرة ذكر أبو بكر وقيل -صلى الله عليه وسلم- أو عمر أو ما أشبه ذلك، أكثر أهل العلم على أن الصلاة خاصة على سبيل الاستقلال بالأنبياء، والترضي عن الصحابة، والترحم على من بعدهم هذا العرف العلمي عند أهل العلم، كما أنه لا يقال: محمد -عز وجل- لا يقال: أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-، محمد لا يقال: -عز وجل- وإن كان عزيزاً جليلاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال الله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] جاء أبو أوفى بزكاته فامتثل النبي -عليه الصلاة والسلام- الأمر وقال: اللهم صلي على آل أبي أوفى، اللهم صلي على آل أبي أوفى، هذا يستدل به من يرى الجواز على ألا يكون شعاراً لواحد بعينه.
"وآل كل"، الآل الأصل هم الأهل، ويدخل فيهم الأزواج والذرية والأقارب، ويدخل فيهم الأتباع، يدخل فيهم الأتباع، "وآل كلٍ" التنوين هذا تنوين عوض، "وآل كل" واحد منهم، "وسائر الصالحين" "سائر" تطلق ويراد بها الباقي، وتطلق ويراد بها الكل، يعني باقي الصالحين بعد أن صليت وسلمت على الآل الذي يبقي من الصالحين يصلى عليه ويسلم تبعاً للأنبياء.