Q هل يستدل بحديث العرباض بن سارية على مشروعية التحذير من البدع وأهلها وإن لم تكن في ذلك البلد إذا كان يخشى أن تدخل إليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من البدع ولم تكن يومئذ موجودة، بل حذر من أمر آت في المستقبل؟
صلى الله عليه وسلم ليس بذلك بأس, فالبدع التي وجدت في بلدان مختلفة وإن لم توجد في بلد معين تذكر ويحذر منها؛ لأن الإنسان قد يصل إليه شيء منها وقد يبلغه شيء منها، وقد يسافر بعض الناس إلى البلد التي توجد فيه وإن كان البلد الذي هو فيه سليماً من هذه البدع، فالإنسان يحذر منها ويبين فسادها، حتى إذا ابتلي بها الإنسان يكون الإنسان على حذر، ولكن الشيء الواقع والشيء الذي هو مشاهد معاين هو الأولى بأن يحذر منه, وإن كانت البدع كلها يحذر منها، فالشيء الواقع الذي حصل يحذر الناس منه حتى لا يقعوا فيه، ومن وقع فيه لينصح حتى يسلم منه، وأما ما كان موجوداً من البدع في مكان آخر فيمكن أن يذكر للمشتغلين بالعلم أو لطلبة العلم، وكذلك لمن كان سيسافر إلى بلد معين توجد فيه البدع، فينبه عليها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أرسل معاذاً إلى اليمن أخبره بأنه سيأتي قوماً من أهل الكتاب، وبين له الطريقة التي يسير عليها في الدعوة فقال: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) الحديث.