يقول العرباض رضي الله عنه: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون) والبليغة هي التي بلغت ما بلغت من الفصاحة والبلاغة والتأثير، وكونها تبلغ إلى القلب وتؤثر فيه فيوجل وتدمع العين مع ذلك، وقد وصف الله عز وجل المؤمنين بوجل القلوب وذرف العيون فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال:2] وقال: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة:83].
قال: (وعظنا الرسول صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون) والمواعظ تكون بالكلام الذي يرقق القلب ويؤثر في النفس، وتكون بالآيات وبالأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة، ولا تكون بالأحاديث الضعيفة والموضوعة فإن هذه لا يشتغل بها، وإنما يشتغل بما صح وثبت، فيكون الترغيب والترهيب بأمور ثابتة ومؤثرة، وأما أن يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديث موضوع أو حديث ضعيف لا يحتج به وينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذا لا يشتغل به في الوعظ والتذكير.