الرسل هم الذين اختارهم الله للرسالة من البشر، وفضلهم على غيرهم، وأنزل عليهم الوحي بواسطة جبريل، فيجب الإيمان بهم، والتصديق بما جاء من أخبارهم، ومن سمي منهم نؤمن به باسمه، ومن لم يسمَّ نؤمن به وإن لم نعرف اسمه، والله عز وجل بين لنا أن منهم من قص علينا ومنهم من لم يقصص علينا، فنحن نؤمن بمن قص باسمه، ومن لم يقص فنؤمن به وإن لم نعرف اسمه.
وقد أخبر الله تعالى في كتابه أنه بعث في كل أمة رسولاً فقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36]، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25]، فكل رسول أرسله الله عز وجل للدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والتحذير من عبادة غيره سبحانه وتعالى، سواء عُبد غيره استقلالاًً، أو عُبد الله وعُبد غيره معه، فإنّ العبادة لا تنفع إلا إذا كانت خالصة لله سبحانه وتعالى لا شريك له فيها.
فإذاً: نحن نؤمن بمن سمي وبمن لم يسمَّ، وبمن قص علينا ومن لم يقص، وقد سمى القرآن خمسة وعشرين منهم، فنحن نؤمن بهم وبأسمائهم، وغيرهم نؤمن به وإن لم نعرف اسمه.
ونعتقد -أيضاً- أنهم بلغوا البلاغ المبين، وأن كل واحد منهم أدى ما عليه على التمام والكمال، كما قال الله عز وجل: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النحل:35]؛ لأن هذه مهمتهم، وقد أدوها على التمام والكمال، كما جاء عن الزهري -رحمة الله عليه- أنه قال: من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.
فالذي من الله هو الإرسال، وقد حصل، والذي على الرسل هو البلاغ، وقد حصل، والذي على أتباعهم هو الاستسلام والانقياد لما جاءوا به، وهنا ينقسم الناس إلى موفق ومخذول، وإلى شقي وسعيد، فالموفق والسعيد هو الذي يستسلم وينقاد لما جاءوا به، والمخذول الشقي الطريد هو الذي يعرض عما جاءوا به ولا يقبله ولا يعمل به.
وقد جاء وصف نبينا صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة، وخاطبه الله تعالى بهذين الوصفين فقال: (يا أيها الرسول) وقال: (يا أيها النبي) وذلك في آيات كثيرة.