ومن الناس من يقول: نحن قصدنا طيب.
ولكن ينبغي أن يعلم أنه لا ينفع حسن القصد بدون المتابعة، وقد فعل بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عملاً طيباً فضحى قبل صلاة العيد وقصده طيب، وهو أنه يصنع لحم أضحيته ويطبخه، فإذا فرغ الناس من الصلاة يكون مهيئاً ومعداً، فيأكل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه منه بعد فراغهم من الصلاة، فهذا قصد طيب، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لما علم بأنه لم يذبح بعد صلاة العيد قال له: (شاتك شاة لحم) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلاً عن بعض أهل العلم: وفي هذه القصة دليل على أن العمل إذا وقع غير مطابق للسنة لا يعتد به ولو كان قصد صاحبه حسناً.
فلا يعتبر حسن قصد الفاعل مع مخالفته للسنة، بل لا بد مع حسن القصد من أن يكون المقصود موافقاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام جاء إلى جماعة متحلقين في المسجد وبأيديهم حصىً وفي كل حلقة رجل يقول: سبحوا مائة.
فيعدون بالحصى: سبحان الله، سبحان الله.
حتى يكملوا مائة، ثم يقول: هللوا مائة.
فيقولون: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله.
حتى يكملوا مائة، ثم يقول: كبروا مائة.
فيعدون بالحصى: الله أكبر، حتى يكبروا مائة، فقال لهم رضي الله عنه: (إما أن تكونوا على طريقة أهدى مما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أنكم مفتتحو باب ضلالة).
أي: إما أنكم أحسن من الصحابة أو أنكم محدثو بدعة ومفتتحو باب ضلالة؟ ففهموا أنه لا يمكن أن يكونوا خيراً من الصحابة، فبقيت الثانية، وهي أنهم مفتتحو باب ضلالة، فقالوا معتذرين: سبحان الله! يا أبا عبد الرحمن! ما أردنا إلا خيراً! فقال رضي الله عنه: (وكم من مريد للخير لم يصبه).