ثم قال عليه الصلاة والسلام: (كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).
الغدو هو: الذهاب في الصباح، فالناس فيه يسعون وينتشرون ويقومون من نومهم ويخرجون من بيوتهم لأعمالهم المختلفة، فمنهم من يستقيم على طاعة الله، ومنهم من ينحرف عن ذلك ويقع في المعاصي، فمن كان مستقيماً على الطاعة فإنه يكون بذلك قد باع نفسه لله، وحصل الثواب من الله، وذلك بالتزامه بما جاء عن الله عز وجل، فكان خروجه وكان عمله في هذا الخروج في سبيل الله، فيكون لذلك أعتق نفسه من أن تقع فريسة للشيطان، وأن تستسلم للشيطان، وأن تفعل الأفعال التي تؤدي إلى النار وتوصل إلى النار، فهذا هو الرابح في بيعه.
ومنهم من باع نفسه للشيطان واستسلم وانقاد للشيطان، فهو يتصرف ويعمل وفقاً لما تشتهي نفسه الأمارة بالسوء، ووفقاً لما يمليه عليه الشيطان، فيكون بذلك قد أوبق نفسه بأن جعلها أسيرة للشيطان، وجعل ذلك العمل موصلاً له إلى النار التي يحصل فيها العذاب.
فهذا الحديث العظيم من جوامع كلمه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والله تعالى أعلم.