ذكر الله تعالى أن من لا يمتثل ولا يحصل منه الانقياد لما أمر به من الأكل من الطيبات، وإنما يأكل من المال الحرام الذي هو خبيث وغير طيب، ذكر أن من كان كذلك فإنه يعمل على أن لا يقبل دعاؤه، وأخذ بالأسباب التي تمنع من قبول الدعاء، ومنها: كون الإنسان يأكل الحرام، قال: (ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يارب! يارب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!)، أي: أن الأكل من الطيبات ينفع صاحبه، فإذا دعا وهو يأكل الطيبات؛ فإنه يكون قد ابتعد عن مانع من موانع قبول الدعاء وهو أكل الحرام، لكن هناك أمور أخرى تمنع من قبول الدعاء، مثل كون الإنسان يدعو وقلبه غافل، أو يستبطئ الإجابة، ويقول: دعوت ودعوت ولم يستجب لي! كل هذا من أسباب عدم قبول الدعاء، لكن الذي ورد في الحديث: أن من أسباب عدم قبول الدعاء كون الإنسان يأكل الحرام.
والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن هذا الرجل الذي ضرب به المثل أنه لا يقبل دعاؤه؛ وذلك لأنه اكتسب الحرام وكان مأكله ومشربه حراماً مع أنه وجد منه عدة أسباب من أسباب قبول الدعاء، ومع ذلك فإن الأكل من الحرام صار صارفاً ومانعاً من القبول.