وهذا الحديث يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهو من رواية صحابي عن صحابي، ومن رواية ابن عن أب.
وسبب تحديثه به أنه جاء رجلان من العراق حاجين أو معتمرين وهما يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميري، يقول يحيى بن يعمر -وهو الذي يروي القصة، كما في صحيح مسلم -: (كان أول من قال بالقدر في البصرة معبد الجهني، فخرجت أنا وحميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: فنسأله، ونبدي له ما حصل في بلدنا من هذا الرأي الباطل والقول المحدث، وهو أنه لا قدر.
قال: (فوفق لنا عبد الله بن عمر، فاكتنفاه، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إليّ) يعني أن صاحبه سكت ولم يتكلم، ففهم يحيى بن يعمر أنه يريد منه أن يتكلم.
فبدأ يحيى بن يعمر بالكلام، فقال: (إنه ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن، ويتقفرون العلم) يعني: أن عندهم اجتهاداً في القرآن وفي العلم (ويقولون: لا قدر، وأن الأمر أنف) أي أنه لم يسبق قدر، فلم يسبق كتابة وتقدير، ولم يسبق علم بالأشياء التي يأتي بها الناس، وأن العباد يخلقون أفعالهم.
قال: (فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أنني بريء منهم، وأنهم مني برآء، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لا يؤمن أحدهم حتى يؤمن بالقدر خيره وشره).
ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: (بينما نحن جلوس)، وأتى بالحديث بطوله، وذلك من أجل جملة: (وتؤمن بالقدر خيره وشره) وأنه أصل من أصول الإيمان.