الحديث الخامس من الأحاديث الأربعين النووية: عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية لـ مسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
هذا حديث عظيم من جوامع الكلم التي أوتيها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد مر عند الكلام على الحديث الأول، وهو حديث: (إنما الأعمال بالنيات) أن هناك أحاديث قيل فيها إنه يدور عليها العلم، وهي من جوامع الكلم، وهذه الأحاديث قيل: هي حديثان، وقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة، وقيل: أكثر، ولكن حديث: (إنما الأعمال بالنيات)، وحديث: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) يأتيان فيها، فالذي قال: إن الدين يرجع إلى حديثين ذكرهما، ومن قال: هي ثلاثة، ذكرهما، ومن قال: أربعة، ذكرهما، فهذان حديثان تكرر كلام العلماء في بيان أهميتهما، وأنهما من الأصول التي يبنى عليها هذا الدين.
وحديث عائشة هذا أصل في وزن الأعمال الظاهرة، وأن المعتبر منها ما كان وفقاً لما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وأنه إذا كان على خلاف ما جاء به بأن كان مبنياً على بدع، وأمور محدثه، فإنه لا يعتبر، ولا يعول عليه، ولا يلتفت إليه، ويكون باطلاً حيث كان مبنياً على بدعة، وليس مبنياً على سنة.
وحديث: (إنما الأعمال بالنيات) أصل في وزن الأعمال الباطنة.
إذاً: الحديث الأول في الأمور الباطنة، وهذا الحديث في الأمور الظاهرة.
قوله عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) يعني: من أتى بشيء لم يكن مما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما هو من محدثات الأمور؛ فإنه مردود على صاحبه، ولا عبرة به ولا قيمة له.