Q هناك من قال: إن توحيد الربوبية أولى من توحيد الإلهية، بدليل أن أول سؤال في القبر: من ربك.
فما تعليقكم؟
صلى الله عليه وسلم معلوم أن الشيء الذي هو أهم من غيره هو الشيء الذي بعث الرسول صلى الله عليه وسلم من أجله وأنزلت الكتب من أجله، وكل رسول أرسل للقيام به والدعوة إليه، والله عز وجل ما قال: أرسلنا في كل أمة رسولاً أن أقروا بوجود الله، أو اعتقدوا أن الله رب العالمين.
وإنما الشيء الذي أرسلهم من أجله هو عبادة الله وحده لا شريك له؛ لأن هذه الأمور كلها مطلوبة: الربوبية والإلهية والأسماء والصفات.
ولكن الذي أرسلت الرسل من أجله وأنزلت الكتب من أجله هو الذي يقدم على غيره.
وأما الشيء الذي أقر به الكفار فيجب الإقرار به، ويجب التصديق بكل ما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لكن العناية تكون بتوحيد العبادة الذي خلقت من أجله الخليقة وأرسلت من أجله الرسل، والله عز وجل يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] أي: ليؤمروا وينهوا.
وقال عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36]، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25].
فهذا هو الذي يجب أن يعتنى به، وأما أن يشغل الناس بتوحيد الربوبية فإن هذا يعتبر تحصيل حاصل؛ لأن من كان مقراً بالربوبية فلا حاجة به إلى أن يعتنى بإثبات توحيد الربوبية، كما أن الكفار الذين كانوا مقرين بالربوبية كان يأتي تقرير توحيد الربوبية من أجل إلزامهم بتوحيد الإلهية، أي: كان يأتي تقرير الربوبية ثم يأتي بعده إنكار وجود إله مع الله، ويبين لهم أنه كيف تعتقدون بأنه كذا وكذا مع ذلك؟ فإذاً: الشيء الذي أقر به الكفار لا يعتنى به ويهمل الشيء التي بعثت من أجله الرسل وأنزلت من أجله الكتب، بل ينبغي العناية بهذا الأمر العظيم، وأما ذاك فهو شيء قد أقر به الكفار الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم.