وروى مسلم بإسناده إلى طاوس أنه قال: (أدركت ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقولون: كل شيء بقدر)، قال: وسمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس، أو: الكيس والعجز).
العجز والكيس ضدان، فنشاط النشيط وكسل الكسول وعجزه كل ذلك بقدر، قال النووي في شرح الحديث: ومعناه أن العاجز قد قُدِّر عجزه، والكَيّس قد قُدِّر كَيسه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، فقالوا: يا رسول الله! أفلا نتكل؟ فقال: اعملوا فكل ميسر لما خُلق له.
ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالحسنى} [الليل:5 - 6] إلى قوله {لِلْعُسْرَى} [الليل:10]).
رواه البخاري ومسلم من حديث علي رضي الله عنه.
وهذا الحديث يدل على أن أعمال العباد الصالحة مقدرة، وأنها تؤدي إلى حصول السعادة، وأن أعمالهم السيئة مقدرة، وأنها تؤدي إلى الشقاوة، وقد قدّر الله سبحانه وتعالى الأسباب والمسببات، وكل شيء لا يخرج عن قضائه].
لقد قدّر الله الأسباب وهي الأعمال، والمسببات وهي النهايات، فإذا عمل الإنسان عملاً صالحاً فهذا العمل سبب من الأسباب، وهو مقدّر، والغاية هي دخول الجنة، وهي -أيضاً- مقدرة، وكذلك العكس، فعمل السيئات مقدر، وهو يوصل إلى النار، وذلك مقدر، فالسعادة والشقاوة مقدّرتان، والأسباب التي توصل إليهما مقدرة أيضاً.