قال الْمُصَنِّف - يرحمه الله - (وحروف العطف عشرة)
يتعلق بها أشياء ثلاثة:
أولها:
جَعْلُه أحرف العطف عشرة، له دليلان:
أما الأول:
فالاستقراء التام.
وأما الثاني:
فالاتفاق إلا في حرف (وإمّا) . فإن الجمهور على أن العاطف فيه (الواو) الملازمة له لا (إمّا) .
ثانيها:
كلمة (عشرة) فيها ضبطان:
الأول: بالتحريك (عشَرة) .
والثاني: بالتسكين (عشْرة) وكلاهما صحيح مستعمل.
ثالثها:
لِيُعْلم أن هذه الأحرف نوعان:
أولهما:
ما اشترك في اللُّغَة - أي الإعراب - والحكم - أي المعنى -، وهي جميع الأحرف العشرة سوى ثلاثة أحرف وهي - أعني الأحرف المنطبق عليها الوصف السابق -: الواو والفاء وثُمَّ وأو وأم وإمّا وحتى (في بعض أوجهها) .
مثال ذلك:
قولك: (جاء مُحَمَّدٌ وعَمْرٌو) . فالمعطوف هو كلمة (عَمْرٌو) شارك كلمة (محمد) في شيئين:
الأول: اللُّغَة - أي الإعراب - فأُعرِب إعراب (مُحَمَّدٌ) وهو الرفع؛ لأنه معطوف على (محمد) بحرف الواو.
والثاني: شاركه في المعنى المقترن بالمعطوف عليه وهو معنى المجيء الداخل على كلمة (مُحَمَّدٌ) أي (جاء مُحَمَّدٌ وجاء عَمْرٌو) .
مثال ثانٍ:
(جاء زَيْدٌ ثُمَّ عَمْرٌو) فإن كلمة (عَمْرٌو) تشارك زيداً في شيئين:
الأول: اللُّغَة - أي الإعراب - فتأخذ إعراب (زَيْدٌ) وهو الرفع لعطفها عليها بحرف (ثُمَّ) .
والثاني: تشاركها في هذا الداخل على المعطوف عليه وهو معنى المجيء، فالتقدير (جاء زَيْدٌ ثُمَّ جاء عَمْرٌو) .
وأما النوع الثاني:
فما شارك المعطوف عليه في اللُّغَة والإعراب فقط دون الحكم والمعنى، وهو ثلاثة أحرف هي: (بل، ولا، ولكن) . وذلك لأنها تفيد معنىً يقتضي المغايرة بين ما بعدها وما قبلها، فلم تكن الشركة بين ما قبلها وما بعدها إلا في الإعراب.
مثاله: