ومِن ثَمَّ طفِق العلماء إِلى شرحها وتدريسها، وكان من أنفس شروحاتها شرح شيخنا المفضل: صالح بن محمد بن حسن الأسمري - حفظه الله -، فلقد كان شرحاً كافياً وافياً في بابه، ومورداً صافياً لطلاّبه، غير مختصر اختصاراً يؤدي إِلى الإخلال، ولا مطنباً إطناباً يفضي إِلى الإملال، مشتملاً على الدرر الفرائد، والغرر من الفوائد الشوارد، يَحِلّ مبانيها، ويُوَضّح معانيها، ويُقَرّر قواعدها، ويُحرّر مقاصدها، ويؤيّد ذلك بالأدلة، ويسهِّله بالشواهد والأمثلة، ينتفع به المبتدئ، ولا يستغني عنه المنتهي، وهو مرحلة وسطى، تعقبه مرحلة علمية أخرى.
وثَمَّ أمورٌ يجب التنبيه عليها، ولا مندوحة للراغب عنها (?)
أولها: في اسم هذا العلم، إِذْ إِنَّه يُسَمَّى باسمين اثنين.
أما الأول: فهو النحو.
وسبب التسمية هو ما اشتهر عند الإخباريين من أن الإمام علياً - رضي الله عنه - قال لأبي الأسود الدؤلي: ‘‘ نعم النحو الذي نحوت ’’ وذلك عندما كتب شيئاً في النحو بأمرٍ منه.
وأما الثاني: فالإعراب.
ومن معانيه التغير، يُقَال: أعربت الإبل إذا تغيرت بطونها بمرض، وكذلك الحال مع أواخر الكلمات العربية المعربة فإنها تتغير بحسب مواقعها.
ثانيها: أن الدارس لعلم النحو يدرس شيئين اثنين.
أما الأول: فالإعراب:
وهو تغير أواخر الكلم باختلاف العوامل الداخلة عليها لفظاً أو تقديراً. وهذا هو الأصل؛ ولأجله صنع النحو ضبطاً له حتى لا يلحن فيه.
وأما الثاني: فهو البناء:
وهو لزوم أواخر الكلمة حركة لا تتغير باختلاف العوامل الداخلية عليها.
ثالثها:
هو أن علم النحو يبحث في حركة الأخير من الكلم سواء أظهرت أم قُدِّرت، وأكثر اللحن حصل في ذلك عند العرب ولذا كانت العناية به آكد.
رابعها:
لكي يتفهَّم دارس النحو مسائله ويعرف مفرداته لابد أن يراعي أموراً:
أولها: