قال المصنف رحمه الله تعالى: [والإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبقوم يخرجون من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحماً، فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة -كما جاء الأثر- كيف شاء، وكما شاء، إنما هو الإيمان به والتصديق به].
وهذا أيضاً من الإيمان باليوم الآخر، ومن فضائل وميزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما ورد عنه من أنه هو الشفيع المشفع في المحشر، وقد وردت أدلة كثيرة على أنه يشفع لأمته، ويشفع للخلق كلهم، فيشفع الشفاعة الأولى لمجيء الله تعالى لفصل القضاء، حتى يفصل بين عباده عندما يطول الموقف، وهذا بعدما يطلبون الشفاعة من أولي العزم: من آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وعند ذلك إذا اعتذروا يقول صلى الله عليه وسلم: (أنا لها).
كذلك -أيضاً- يشفع لهم أن يدخلوا الجنة، ويكون هو أول من يستفتح باب الجنة، وكذلك يشفع لقوم أن ترفع درجاتهم ومنازلهم من أهل الجنة.
وأما الشفاعة التي يشاركه فيها غيره من الأنبياء والملائكة فهي شفاعته لأهل الكبائر من أهل التوحيد أن يخرجوا من النار، فبعدما احترقوا وصاروا فحماً يخرجون من النار بعد مدة الله أعلم بمقدارها، ثم يلقون في نهر في الجنة يقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم بعد ذلك يتنعمون بما يتنعم به أهل الجنة، وذلك لأنهم من أهل التوحيد ومن أهل العقيدة.