كانت اهتمامات عمر بن الخطاب لرعيته بأمر دينهم أهم شيء، فإذا تولى الإمارة قال: دين الناس أولاً، ثم دنيا الناس ثانياً، فلما اهتم بدين الناس ورأى الناس قد أتموا هذه العبادات بدأ في الاهتمام بأمر دنياهم، وأمر الدنيا هي: معاملات، فكان يدخل السوق ومعه الدرة ينظر إلى الباعة فيقول للبائع: تعلمت فقه البيوع؟ فإذا قال له البائع أو المشتري أو التاجر: لا، ضربه بالدرة وقال: وقعت في الربا لا محالة.
وكان دائماً يذكر الناس بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر التجار، إن التجار يوم القيامة يأتون فجاراً إلا من صدق وبر)، فمر على رجل قد غش اللبن، جعل مع اللبن الماء، فأراق كل اللبن تعزيراً له، ولذلك استند العلماء الذين يقولون بجواز التعزير بالمال إلى فعل عمر رضي الله عنه وأرضاه.
وكان يحث الناس على التجارة، يقول: اتجروا في الأموال حتى لا تحتاجوا إلى مثل هؤلاء، فلا تحتاج إلى كافر، أو تحتاج لرجل أقل منك أو أدنى منك، فيقول لأصحاب الوجاهات: اتجروا بهذه الأموال، فاهتم بالمعاملات، واهتم بنشر فقه البيوع رضي الله عنه وأرضاه حتى تسلم دنيا الناس.
وكان يأمر عماله أن يعلموا الناس فقه البيوع، ودخل الأسواق فوجد الاحتكار فمنع الاحتكار، ومنع الغش، ولم يسعر، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم قعد هذه القاعدة لما قالوا له: (سعر لنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله هو المسعر، وإني أرجو أن آتي يوم القيامة وليس لأحد عندي مظلمة).