ومع هذا اللين والرأفة والرحمة كان هو المثل الأعلى في الجود والإنفاق، فقد كان ينفق ما معه ولا يخشى شيئاً، وضرب أروع الأمثلة في هذا الجانب، عاملاً بقول الله: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26].
فقد استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس لتجهيز الجيوش، فجاء عمر فقال: اليوم أسبق أبا بكر، فذهب وأتى بشطر ماله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذ يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تركت لأهلك يا عمر؟ قال: تركت لهم شطر مالي)، فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعل، ثم جاء أبو بكر بماله فوضعه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماذا تركت لأهلك يا أبا بكر قال: تركت لهم الله ورسوله)، انظروا إلى الجود والكرم، انظروا إلى التوكل واليقين التام بالله، فقال عمر: والله لا أسبقك بعد اليوم.