السمع والطاعة لولاة الأمور وضوابط ذلك

إن أول ما يجب على الأمة تجاه الأمراء أو العلماء السمع والطاعة.

والسمع والطاعة من أهم واجبات هذه الأمة بالنسبة لولاة الأمور، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59].

وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بايعنا الرسول صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعلى أثرة منا)، فالشاهد من الحديث قوله: (على السمع والطاعة) يعني: لولاة الأمور.

وفي حديث مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه وأرضاه قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة).

وفي السنن عن العرباض بن سارية رضي الله عنه وأرضاه قال: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: عليكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة).

وأيضاً وردت أحاديث كثيرة في السمع والطاعة من الأمة للأمراء والعلماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليك بالسمع والطاعة وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اسمعوا وأطيعوا وأدوا الذي عليكم وسلوا الله الذي لكم).

فالأدلة كثيرة على السمع والطاعة، لكن السمع والطاعة على هذه الأمة نحو الأمراء والعلماء ليست مطلقة بل مقيدة، صحيح أن كل هذه الأحاديث والآيات التي ذكرت السمع والطاعة مطلقة، لكنها قيدت بآثار أخرى، فمنها: ما ورد في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف).

وإنما أسلوب حصر، يعني: الطاعة كل الطاعة لا تكون إلا بالمعروف، فإن كانت معصية فلا سمع ولا طاعة.

وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).

وفي رواية قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرك بالمعصية فلا سمع ولا طاعة).

وما من خليفة راشد استلم الخلافة في عهد السلف إلا وخطب الناس أول ما خطبهم وقال: أطيعوني ما أطعت الله فيكم.

فشرط الطاعة بطاعة الله جل وعلا.

وأيضاً قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، فما قال: وأطيعوا أولي الأمر منكم، أي: لم يجعلها طاعة مستقلة، بل جعلها تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله، فهذه دلالة على أن هذه الطاعة ليست طاعة مطلقة، بل سمع وطاعة فيما يرضي الله جل وعلا.

أما بالنسبة للمعصية فلا، ولذلك ورد عن عمر بسند صحيح أنه قال: (عليك بالسمع والطاعة وإن أمرك بما ينقص دنياك، أما إن أمرك بما ينقص دينك فقل: دمي دون ديني).

إذاً: فالسمع والطاعة لولاة الأمور من العلماء والأمراء مقيدة بما يرضي الله جل وعلا، فإنما الطاعة في المعروف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015