الوجه الثالث: استدلوا بقول عائشة: (وكان يأتي أهله وما يأتي أهله)، فقالوا: في هذا الدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي أهله وما يأتي أهله.
فنقول لهم: الرد على هذه الشبهة من وجهين: الوجه الأول: تفسير: (كان يأتي أهله وما يأتي أهله)، فيه إثبات وفيه نفي، ومعناه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يهم ويعزم ويشتهي أهله فيذهب ليجامع أهله فيربط عن ذلك وتخور العزائم وتفتر الهمم عن الجماع.
وهذا واقع مشاهد عند كثير من الناس فإنهم إذا أرادوا الجماع يربطون عن أهليهم.
الوجه الثاني: أن هذا من باب التخيل، وهو ما نسميه في الوقت الحاضر بأحلام اليقظة، حيث يجلس المرء يفكر في شيء فيسرح مع هذا الشيء وهو لم يكن قد وقع، والنبي صلى الله عليه وسلم يحصل له مثل هذا فهو لم يجامع أهله واقعاً، لكن يتخيل ذلك من أثر السحر، وهذا رد عليهم على هذه الشبهة.
والصحيح الراجح كما بينا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر، وهذا السحر وقع عليه، والله جل وعلا له في ذلك حكم.
أما بالنسبة لحديث عائشة: (كان يأتي أهله وما يأتي أهله)، معناه: إذا أراد أن يأتي فلا يأتي، ودليل ذلك من اللغة قال الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:98]، ومعناه: إذا أردت أن تقرأ القرآن.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.