ثانياً: في خبر سحر النبي صلى الله عليه وسلم تشريع للبشر، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعدما شفي من السحر قال: (استفتيت ربي فأفتاني فجاء الملكان) أي: بعدما أخرج السحر الذي عمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من البئر شفاه الله، لكنه لم يقتل لبيداً مع أن حد الساحر أن يضرب بالسيف، ويقتل إما ردة وإما حداً على التفصيل السابق، فلم يفعل رسول الله ذلك تشريعاً للأمة، وليبين أن المسألة وإن كان فيها أمر وإن كان فيها شرع، فالمرء يمكن أن يمتنع عن تطبيقه لعلة ولحكمة أبلغ.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل لبيداً حتى لا تتألب عليه الأمم، وحتى لا يقول اليهود: إن محمداً يقتل الناس بغير حق ولا إثبات، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل لبيداً لهذا المقصد العظيم.
وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عطل بعض الحدود لعلل وحكم مقاصد، ففي عام الرمادة كان الناس يقتتلون على الطعام ولا طعام لهم ويمكن أن يسرق بعضهم من بيت مال المسلمين نفسه؛ ومع هذا لم تقم الحدود؛ لأن هذه شبه تدرأ بها الحدود.