لقد كان أبو بكر ذلك الرجل البديع الكريم حبيباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذا لابد أن يعلم أن من طعن في دينه فهو كافر خارج من الملة قد ارتكب ما يجعله خالداً في نار جهنم، ومن أنكر إمامته أوشك على الكفر؛ إذ إن إمامته ثابتة بالنص والإشارة.
أما إمامته بالنص فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ادع لي أبا بكر لأكتب له كتاباً حتى لا يطمع في هذا الأمر طامع -يعني: في هذه الإمامة والخلافة- فلم يأت أبو بكر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يأبى الله ويأبى المؤمنون -يعني: في هذا الأمر- إلا أبا بكر).
فكان ذلك نصاً على أبي بكر، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استخلف أبا بكر على الصلاة، فقاس الناس قياس أولى ويسميه الأصوليون القياس الجلي، فقالوا: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل أبا بكر يحافظ على الدين، وأمنه على ديننا، فمن باب أولى أن يلي أمور الدنيا التي هي دنيئة تنتهي.
وقد أجمع الصحابة على خلافة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة، إذ قام عمر خطيباً في الناس وقال: يـ أبا بكر أنت أفضلنا، وأقربنا، وأحبنا لرسول الله فابسط يدك لنبايعك، فبسط يده وبايعه جل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.