الصراط له صفة عظيمة بينها لنا النبي صلى الله عليه وسلم، وطالما كان طريقاً فالطريق إما أن يكون معبداً وإما أن يكون متعرجاً، وإما أن يستطيع الإنسان أن يسير عليه وإما لا، فلذلك احتاج البشر لمعرفة صفة هذا الطريق ونوعه وشكله، وأدق ما وصف به الصراط هو ما وصفه به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فيه كلاليب مثل شوك السعدان)، ففيه كلاليب وحسك وهو مفلطح وله شوك، وهو (أحد من السيف، وأدق من الشعرة)، فله شوك مثني يخطف البشر قال: (لها شوكة عكيفاء، مثل شوك السعدان تكون بنجد يقال لها: السعدان)، وفي رواية قال: (خطاطيف أو كلاليب مثل شوك السعدان، أرأيتم شوك السعدان؟ فقالوا: بلى يا رسول الله! قال: إنها مثل شوك السعدان تخطف الناس) فهذه التفصيلات التي فصلها النبي من الكلاليب والشوك والعقيفاء والشوكة كلها عملها واحد وهو أن تخطف المرء وتنزل به إلى نار جهنم، ما من أحد يسمع هذا إلا ويرتجف قلبه، فإن الخطب عظيم، والأمر شديد، والهول أعظم مما يتصوره الناس، {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:2]، ما من نبي مقرب ولا رسول معظم عند ربه إلا ويرتجف قلبه عندما يرى الصراط، والنبي صلى الله عليه وسلم يوضح لنا ذلك فيقول: (كلامهم يومئذ -أي: الرسل-: اللهم سلم سلم) الخليل يقول ذلك، والكريم ابن الكريم ابن الكريم يقول ذلك، وموسى الكليم يقول ذلك، حتى أعظم الخلق سيد الأولين والآخرين يقف فينظر إلى الصراط فيقول: رب سلم سلم، وقلبه يرتجف على أمته، وأول من يعبر عليه هم هذه الأمة كرامة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.