وردت بعض الآثار أنه عندما يقبر الميت وينزل إلى قبره يجتمع عليه أهله ومقربوه وأحبابه وأصحابه يسألون عن أهل الدنيا، ماذا فعلوا؟ فإن كان من أهل النار والعياذ بالله وكانوا من الصالحين يقول لهم: أما أتاكم؟ فيقولون: ويل أمه، إنه قد ذهب به إلى أمه الهاوية، وهذه الآثار كثيرة جداً ولكنها آثار ضعيفة.
أما التزاور فقد ورد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه فإنهم يتزاورون على أكفانهم) فالأب يتزاور مع ابنه ومع أخيه ومع عمه ومع خالته، فيحدث التزاور بينهم، لكن إذا أثبتنا التزاور فهل يقع التزاور من الروح والبدن كما قال: (في أكفانهم) أم الأرواح فقط؟ الراجح: أن التزاور لا يكون إلا بالأرواح في رياض الجنة فيذهبون ويروحون ويجيئون ويتزاورون في رياض الجنة بالأرواح، وإذا كانت الزيارة بالأرواح فأين يتزاورون؟ فنقول: الأرواح متفاوتة كما أن الأبدان متفاوتة والأعمال متفاوتة، فأرواح الأنبياء في عليين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم! الرفيق الأعلى، اللهم! الرفيق الأعلى) وأرواح الصديقين والشهداء في حواصل طير يسبحون في رياض الجنة، وأرواح المؤمنين الذين ليسوا بشهداء كالطير ليسوا في حواصل طير، بل كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: نسمة كالطير أو هي طير تسرح أيضاً في رياض الجنة، فهؤلاء يتزاورون في أماكنهم، وأرواح الأطفال في حواصل عصافير يكفلهم إبراهيم عليه السلام وهم في الجنة، أما أرواح الكافرين فإنهم في حواصل طير سود يأكلون من النار والعياذ بالله، فأهل الصلاح الذين هم في علو أهل الشهادة يتزاورون في رياض الجنة، والمؤمنون الخلص أيضاً يتزاورون هناك، وبعض المؤمنين يُحبسون وتقف أرواحهم على أبواب الجنة؛ يحبسهم عن الجنة الدَين أو غيره، وردت أدلة أثبتت أن المرء يحبس في قبره بدينه، وغيره من الأفعال التي فعلها تحبسه عن الجنة، فهؤلاء لا يتزاورون في الجنة، لكن إن كانوا على أبواب الجنة فهم يتزاورون على أبواب الجنة.