ثم ذكر بعد ذلك مسألة الجار، وأن إيذاءه من الكبائر، واستدل على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! قالوا: من يا رسول الله؟! قال: من لا يأمن جاره بوائقه).
وهناك حديث آخر يدل على لعن الذي يؤذي جاره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في مسند أحمد - جاءه رجل فقال: يا رسول الله! جاري يؤذيني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذ أمتعتك وضعها في وسط الطريق، ففعل، فكان كلما مر عليه أحد يقول: يا فلان، من فعل بك هذا؟! فيقول: جاري، فيقول: لعنة الله على جارك، فكل من يمر عليه يلعن جاره)، فهذا فيه دلالة على أن إيذاء الجار من الكبائر، ويدخل أيضا الخلاف: هل تكفرها الأعمال أم لا؟ ويبدو لي أن الإمام العلامة -أي: المؤلف- يرى أن هذه الكبائر لابد لها من توبة، وأن هذه الأعمال يمكن أن لا تكفرها، وهو بذلك كأنه ينحو نحو الجمهور، أي: أن الكبائر لابد لها من توبة، ولذلك عقب بعدها بذكر أحاديث وآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في وجوب التوبة، وتقديم التوبة عن المعاصي، ووجوب استحلال المسلمين بعضهم من بعض قبل نزول الموت، فبدأ يتكلم عن التوبة بعد أن تكلم عن الكبائر، وكأنه يشعر بأن هذه الكبيرة لا تمحى ولا تكفر إلا بأن يأتي المرء ربه جل وعلا بتوبة نصوح.