شبهة والرد عليها

لو قيل: من كان مصدقاً بقلبه لكنه لم ينطق بشهادة الحق بلسانه، فإنه يعتبر في الآخرة مؤمناً، بدليل قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء:25] وقوله صلى الله عليه وسلم عن مضغة القلب: (إذا صلحت صلح الجسد كله) فهل هذا الكلام صحيح؟

صلى الله عليه وسلم من كان كما ذكر يعتبر كافراً في الدنيا فيقتل مثل الحربي، وهو في الآخرة في جهنم خالد مخلد فيها أبداً، وأوضح مثال هو عم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يعتقد أن دين النبي صلى الله عليه وسلم خير الأديان، فقال: لولا الملامة لأقررت بها عينك، فمنعه الكبر الذي في قلبه أن ينطق بكلمة التوحيد، وقال: والله لا يعلو استي بحال من الأحوال، فهو في ضحضاح من النار خالداً مخلداً فيها أبداً.

وكان إبليس أيضاً من أشد الناس إيماناً بالوعد والوعيد، ومن أشد الناس إقراراً بربوبية الله جل وعلا، فقد قال: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر:39 - 40]، فقد كان مقراً في قلبه، ومع ذلك لم ينفعه هذا الإقرار فهو في جهنم خالداً فيها أبداً.

وقال الله تعالى عن فرعون ومن معه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل:14].

إذاً: فإقرار القلب وتصديقه إن لم يصاحبه تلفظ باللسان فلا ينفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة.

وأيضاً: لابد مع اعتقاد القلب من عمله وعمل الجوارح، فعمل الجوارح: كالذكر وقراءة القرآن والركوع والسجود والصدقات والزكاة، وعمل القلب: كالاتباع والتوكل والإخلاص والمحبة، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة:165].

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015