لو سأل سائل: أين الله؟
صلى الله عليه وسلم فوق العرش في السماء.
وإذا نزل الله جل وعلا من العرش فهل يخلو منه العرش؟ إذا أثبتنا لله النزول فنقول: هو نزول يليق بجلال الله وكماله، فمن قال: إن النزول يستلزم منه خلو من العرش فقد شبه الخالق بالمخلوق، فالعرش في اللغة: السرير الذي يجلس عليه الملك، كهذا الكرسي، فإذا نزل المرء من الكرسي فقد خلا منه، فمن قال: إذا نزل الله جل وعلا إلى السماء الدنيا خلا منه العرش فقد شبه الخالق بالمخلوق.
وإن قال: لا ينزل فقد قال بقول المعطلة الجهمية، والصواب الذي عليه إسحاق بن راهويه والإمام أحمد والشافعي والسلف الصالح: إنه ينزل ولا يخلو منه العرش، لأن نزوله يليق بجلال الله وكماله، والسماء لا تقله ولا ظله، فينزل الله جل وعلا من عرشه إلى السماء الدنيا، ولا يخلو منه العرش؛ لأن صفات الله لا يعلمها إلا هو جل وعلا.
ويمكن أن يقال: يستحب أن النائم ينام متوضئاً كما ورد الأثر في ذلك، فإذا نام صعدت روحه إلى العرش، فإن كان متوضئاً نائماً طاهراً تطوف حول العرش، وإن كان جنباً أو غير متوضئ تكون بعيداً عن العرش، وهو نائم على سريره، وروحه عند العرش تطوف، فهل أحد يعرف كيف تطوف الروح عند العرش؟ لا أحد يعرف ذلك.
فهذه الروح في جسدك ولا تعرف كيف تصعد إلى السماء، ولا تعرف شيئاً عن الملائكة، فنزول الله نزول يليق بجلاله وكماله ولا يخلو منه العرش.
ويبقى إشكال واحد فقط نرد عليه؛ لأن من أهل البدع من يقول: إذا قلتم: إن الله جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر، فهنا في بلادنا ثلث ليل في وقت معين، ثم في بلاد أخرى يكون ثلث آخر، وهكذا، فهل يستلزم ذلك أن الله يبقى نازلاً كل الليل؟ نقول: هذا من كلام أهل البدع، أما نحن فنؤمن بما جاءنا، ولو كان هناك تفصيل لقاله النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن نؤمن أنه عندما يبدأ ثلث الليل فالله نازل في هذا الثلث، فإن كان في مصر ثلث الليل الآخر فالله نازل فيه، وإن كان في أمريكا مسلمون ففي ثلث الليل الآخر ينزل الله جل وعلا هناك وهكذا، فنؤمن بما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم، ولا نتبع المبتدعة ونقول: إن الله في كل الليل نازل، وإنما ينزل في ثلث الليل الآخر فقط.