يوجد إشكال واحد على هذه الصفة، وهذا الإشكال عجيب، وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تضرب الوجه)، ثم علل ذلك في رواية ابن خزيمة وغيره فقال: (فإن الله خلق آدم على صورته)، فتكريماً لهذا الوجه الذي خلقه الله على صورة الله قال: (لا تضربوا الوجه)، ثم قال: (فإن الله خلق آدم على صورته)، وفي رواية: (فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن).
فنقول: إن صفة الوجه ثابتة لله جل وعلا، وثبوت الوجه لله مندرج تحت قاعدة: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11].
فوجه الله ثابت، لكنه لا يشبه وجه المخلوقين.
وهذا الحديث يقول: (إن الله خلق آدم على صورته) وفي رواية أخرى قال: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن).
فنقول: أولاً: ثبت العرش ثم انقش.
فأكثر المحدثين على أن هذا الحديث ضعيف بزيادة: (الرحمن)، والاحتجاج فرع عن التصحيح، فإذا كان حديثاً ضعيفاً فلا نحتج به.
ثانياً: لو تنزلنا مع الخصم وقلنا: إن الحديث صحيح، ففي اللغة أن الضمير يعود على أقرب مذكور.
وأقرب مذكور هو آدم، فالهاء: عائدة على آدم.
أي: خلق الله آدم على صورته التي هو عليها، وهي: أن طوله ستون ذراعاً، وأن عرضه سبعة أذرع، وأن شعره كالشجرة.
فإن اعترض المعترض وقال: إن عندنا قرينة على أنها ترجع إلى الله، وذلك الحديث الذي في النسائي: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن).
فنقول: إن الله خلق آدم على صورة الرحمن، أي: له وجه كما أن لله وجهاً، وله ساق كما أن لله ساقاً، وله يد كما أن لله يداً، ولا يستلزم التساوي في اسم الصفة التشابه والتماثل في الصفة نفسها، فالله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].
وإذا اعترض علينا المعترض بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)، قد صححه بعض العلماء، ومنهم: الشيخ الألباني رحمه الله فنقول: إن تأويله الصحيح عن من صحح إسناد هذا الحديث: (إن الله خلق آدم على صورته) أي: إن له وجهاً كما أن لله وجهاً، وله يد كما أن لله يداً، وله سمع كما أن لله سمعاً، وله بصر كما أن لله بصراً، وله ساق كما أن لله ساقاً.
أو أن الإضافة إلى الله هنا إضافة تشريف، ويكون التأويل الصحيح: إن الله خلق آدم على صورته أي له صفات كما أن لله صفات، له يد كما أن لله يداً، وله عين كما أن لله عيناً، وله سمع كما أن لله سمعاً.