Q هل النووي وابن حجر من الأشاعرة؟ الإمام النووي والإمام ابن حجر لا يصطفان لصف الأشاعرة، فهما متأثران بكلام الأشاعرة، وليسا بأشعريين، بل هما من أهل السنة والجماعة، لكنهما انغمسا في ذلك؛ لأن البلدة التي كانا فيها انتشر فيها منهج الأشاعرة، ولذلك الذي يقرأ صحيح مسلم أو يقرأ فتح الباري يجد أن شارح صحيح مسلم فيه تذبذب، لكنه قليل، فمرة يأتي بكلام أهل السنة والجماعة وكثيراً ما ينقل عن المازري وهو أشعري جلد، وكلامه تابع له، فهو ناقل مقلد دون أن يدري بهذا.
أما الحافظ ابن حجر فهو متذبذب يذكر مذهب أهل السنة ثم يذكر الأشاعرة، ويكثر من النقل عن أهل السنة، ويقل من الكلام عن الأشاعرة، فهما حسبا أن هذا هو المنهج الصحيح، وعاشا على أن هذا هو المنهج الصحيح، ولم ينتشر عندهما المنهج الصحيح، والأشاعرة انتشروا بسرعة عجيبة؛ لوجود العقل عندهم، وكانت المعتزلة تضرب في أهل السنة والجماعة، فقالوا هؤلاء: إذا تكلمتم بالعقل نتكلم معكم بالعقل.
فغروا الناس بعقولهم، ومن يتكلم بالمنطق يردون عليه به وشيخ الإسلام ابن تيمية ما زالت الأمم إلى الآن تحتج به، والصوفية غلبته وهو يحاجهم، وكادوا أن يقتلوا شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنهم قالوا: وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب قالوا: هذا الرجل ـ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ لا يفهم شيئاً، يقول: الأصل والفصل والفرع، والصوفية هؤلاء هم أفضل ناس، الغر يقول بهذا الكلام.
فالمنطق جعل سمعتهم عالية وانتصر مذهبهم، فحسب بعض العلماء مثل الإمام النووي والحافظ ابن حجر أن هذا هو المذهب الحق، وما أحد جاء يناظرهم ويبين لهم الحق، ونحن نربأ بهم أن يعاندوا الحق بحال من الأحوال، ولا يمكن لإنسان إلا متجرئ متنطع أن يجعل النووي أو يجعل الحافظ ابن حجر في صف الأشاعرة أبداً، جاهل متنطع من يجعل هؤلاء في صفهم، فأنا إذا جلست مع شيخ، وليس عندي غير هذا الشيخ، وما أسمع في هذه البلدة من شيخ يتكلم بعلم إلا بعلم هذا الرجل، وحتى لما رحلت ما وجدت أحداً يتكلم إلا بكلام هذا الرجل، وليس عندي ما يضاده، وليس عندي علم يخالفه، فلما تعلمت على شيخي تعلمت منه هذا الكلام، فالحافظ ابن حجر كان ينقل كثيراً دون أن يمحص النظر، فيغتفر له، وتجعل في بحر حسناته، وجهوده المباركة الشريفة.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، وجزاكم الله خيراً.