قالت المعتزلة عن القرآن: إن قلتم: إن الله يتكلم فقد شبهتم الخالق بالمخلوق؛ لأن كل متكلم له مخرج، إذاً شبهتم الخالق بالمخلوق وقلتم: إن لله مخرجاً وفماً يتكلم به.
نقول لهم: لا يلزم من ذلك التشابه؛ لأن الألفاظ قد تطلق ولا يراد بها المعنى المتبادر إلى الذهن من اللفظ، وذلك لقرينة تصرفها عن ذلك، مثل قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر:62] وفي سورة الأحقاف قال: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف:24] إلى آخر الآية ثم قال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف:25] لم تدمر المساكن مع أن الله جل وعلا قال: ((تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ)) وهذا الشيء يدخل فيه المساكن وغيرها، فيكون المعنى: كل شيء صالح للتدمير.
وعلى نفس السياق نقول في قوله تعالى: ((الله خالق كل شيء)) أي: كل شيء قابل للخلق فهو مخلوق.
والرد عليهم نظراً: نقول: السماوات تتكلم: {قَالَتَا أَتَيْنَا} [فصلت:11] فكيف تكلمت؟! أين لسان السماء؟! أين المخرج من السماء؟! وجاء في السنة أن النار قالت: (أكل بعضي بعضي)، وقالت: (جعلتني للمتكبري)، وغير ذلك مما ورد أنه يتكلم، ولا نرى للنار مخارج، فإذا لم نعرف للمخلوقات مخارج في كلامهم، ولم نعرف كيفية الكلام، فمن باب أولى الخالق الذي لا يعلم كنه ذاته جل وعلا، فلا تعلم حقيقة صفاته وكيفيتها، وهذا يسمى قياس الأولى، فإن كانت المخلوقات لا نعلم كيفية تكلمها فكيف بالخالق الذي لا يمكن أن نعلم كيفيته جل وعلا؟!