قال: [وقال جرير: سمعت منصور بن المعتمر والمغيرة بن مقسم والأعمش وليث بن أبي سليم وعمارة بن القعقاع وابن شبرمة والعلاء بن المسيب وإسماعيل بن أبي خالد وعطاء بن السائب وحمزة بن حبيب الزيات ويزيد بن أبي زياد وسفيان الثوري وابن المبارك ومن أدركته يستثنون في الإيمان ويعيبون على من لا يستثني].
فالسلف يستثنون في الإيمان، إذا سئل أحدهم قال: أنا مؤمن إن شاء الله، ويعيبون على من قال: أنا مؤمن فقط ولم يستثن.
قال: [وعن جرير بن عبد الحميد قال: كان الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد وعمارة بن القعقاع والعلاء بن المسيب وابن شبرمة وسفيان الثوري وحمزة الزيات يقولون: نحن مؤمنون إن شاء الله ويعيبون على من لا يستثني.
وعن محل بن محرز قال: قال لي إبراهيم النخعي: إذا قيل لك: أمؤمن أنت؟ فقل: آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله].
أي: إذا قيل لك: أمؤمن أنت؟ ويمكن السؤال هذا يواجهك، وربما تظل محتاراً في الإجابة عن هذا السؤال بسبب اختلاف العلماء، ولكن قل: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث والحساب والجزاء والجنة والنار والصراط وغير ذلك وبهذا تكون قد خرجت من الخلاف، فلا تقل: نعم أنا مؤمن، أو أنا مؤمن إن شاء الله.
فعدد أصول الإيمان وقل: آمنت بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره فإذا كنت مؤمناً بهذا كله فيكون جوابك من غير إن شاء الله، لأنك قاطع بأنك مؤمن بهذا كله، وهذه غيبيات وأنت قد آمنت بها، وقد عرف النبي عليه الصلاة والسلام الإيمان في حديث جبريل وغيره بهذا حين سئل عن الإيمان؟ فقال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره) فلو سئلت عن الإيمان فعدد أنك قد آمنت بأصول الإيمان، وأنت الآن مؤمن بالأعمال الموجبة لدخول الجنة، فأنت لم تزك نفسك بعمل، لأن هذا من أصول الإيمان، عليك أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله إلى آخره فأنت قد قررت بأنك آمنت بكذا وكذا وكذا ولم تزك نفسك بخلاف لو قال لك: أنت مؤمن؟ فقلت: نعم أنا مؤمن، مع أن الإيمان يستلزم فوق ما آمنت به غيباً أن تأتي به عملاً وأن تنتهي عنه تركاً، وهذا متعلق بالأوامر والنواهي بالواجبات والمحرمات، فهذا باب آخر غير الباب الغيبي الذي آمنت به.
فلو أنك قلت: نعم أنا مؤمن، فكأنك تقول: أنا قد أتيت من الأعمال ما يستوجب على الله أن يدخلني الجنة، ولكن حينما تقول: أنا آمنت بالله وملائكته وكتبه فأنت هنا تقرر حالتك الإيمانية.