فضل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله

قال: [وعن أنس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان رديفه معاذ رضي الله عنه على الراحلة فقال: (يا معاذ بن جبل -ثلاثاً- ومعاذ يقول: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا حرمه الله على النار)]، هاتان الكلمتان لهما مقتضيات، فمن تلفظ بهما وهو لا يعلم معناهما ولا يعرف أي شيء عنهما لا يصح هذا منه.

وآخر يقول هاتين الكلمتين ولكنه يبغض الرسول صلى الله عليه وسلم أشد البغض لا يقبل منه هذا، ويكون هذا رياء ونفاقاً.

إذاً: هذه الكلمة عند إطلاقها ليست مقصودة في ذاتها، ولكن تنفع صاحبها إذا كانت مكتملة الشروط والأركان.

قال: [(يا رسول الله! أفلا أخبر به الناس)، معاذ بن جبل يقول: يا رسول الله! هل تأذن لي وتسمح أن أبشر الناس بذلك؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: [(إذاً يتكلوا)]، يعني: يتكلوا على مجرد القول، ويتركوا العمل.

قال: [(فأخبر بها معاذ في آخر حياته تأثماً)]، يعني: مخافة أن يموت وهو كاتم العلم.

قال: [وعن سليم أبي عامر قال: (سمعت أبا بكر قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخرج فأنادي من يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فله الجنة.

قال: فخرجت فلقيني عمر فسألني فأخبرته، فقال: ارجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قل له: دع الناس يعملون فإنهم إن سمعوا اتكلوا عليه)].

وحديث أبي هريرة عند مسلم، قال رضي الله عنه: (كان النبي عليه الصلاة والسلام في نفر من أصحابه، وفينا أبو بكر وعمر، فقام عنا فأبطأ علينا، فخشينا عليه، ففزعنا فكنت أول من فزع، فأتيت حائطاً من حوائط الأنصار فدرت به حتى وجدت جدولاً -والجدول الربيع أو قال: وجدت ربيعاً والربيع جدول- فاحتفزتُ كما يحتفز الثعلب، فلقيني النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أبا هريرة؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: ما شأنك؟ قلت: يا رسول الله! إنك كنت بيننا فقمت عنا، فأبطأت علينا وخشينا عليك، ففزعنا فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط، فمررت به علِّي أجد مكاناً أدخل منه، ولم أجد إلا جدولاً فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، قال النبي عليه الصلاة والسلام: يا أبا هريرة خذ نعلي هاتين، أو خذ نعلي هذا واذهب، فمن لقيت خلف هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فبشره بالجنة، قال: فخرجت فكان أول من لقيني عمر، وقال: ما هذا يا أبا هريرة؟ قلت: هما نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقص عليه القصة، فقال: أمرني النبي عليه الصلاة والسلام أن آخذ نعله وأخرج خارج الحائط، فمن لقيته يشهد أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله بشرته بالجنة، قال: فضربني عمر في صدري حتى خررت على استي، أو وقعت على مؤخرتي، قال: فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعمر على إثري -يعني: عمر وراءه خطوة بخطوة- فلما دخلت على النبي عليه الصلاة والسلام قصصت عليه ما كان من أمر عمر، فقال: يا عمر ما حملك على هذا؟ قال عمر: يا رسول الله أأنت قلت له كيت وكيت؟ -يعني: أنت الذي قلت له: اعمل كيت وكيت وكيت؟ - قال: نعم، قال: يا رسول الله! لا تفعل؛ خل الناس يعملوا، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: خلهم يا عمر يعملوا) عمر رضي الله عنه خشي أن يتكل الناس على مجرد النطق بهذه الكلمة، وأما النبي عليه الصلاة والسلام فإنه يعلم علماً يقينياً أن من أتى بها مجردة عن العمل القلبي وعمل الجوارح لا تنفعه بين يدي الله عز وجل، وخشي أن يتغير الزمان وتتقلب الأحوال ويكتفي الناس من إسلامهم وإيمانهم بمجرد الكلمة.

ولذلك وافق عمر على الفور في وجوب أو استحباب ستر هذه البشارة عن الناس؛ لأنه فعلاً ربما اتكلوا عليها، وأنتم ترون أن الناس متكلون عليها، يأتي العبد من العباد أفجر خلق الله لم يترك معصية إلا وهو في أوحالها بالليل والنهار، أما الطاعات فلا دراية له بها ألبتة، لسانه لسان الزنباوي؛ لأن الزنباوي من أيام الثورة سنة 1957م، يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً، فلم يكن أحد أشطر منه في الأفق، حتى ضرب بلسانه المثل بعد ذلك.

فتصور شخصاً تكلمه يقول لك: أتظن أنك لا تصلي إلا أنت، أبعد عني، أتعلمني كيف أصلي، وكيف أتوضأ وعمري ستون أو سبعون سنة؟ وهو لا يريد أن يتعلم، وهو يدعي أن قلبه أنظف القلوب، بل هذا القلب من أوسخ القلوب التي خلقت، فهو أوسخ من قلوب اليهود والنصارى.

فهذا دليل وعلامة من علامات النبوة أن النبي عليه الصلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015