قال: [عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليعمل فيما يُرى للناس بعمل أهل الجنة)].
أي: أن أول ما يروه الناس يعمل هذا العمل فإنهم يقولون: هذا رجل بعمله هذا من أهل الجنة، كما اغتر الصحابة بالمجاهد وقالوا: والله إنا لنراه من أهل الجنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (هو من أهل النار)؛ لأنه كان مرائياً، فقد كان يجاهد ليقال عنه: مجاهد، وكان يبتغي الأجر من الناس، ويبتغي أن يمدحه الناس، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (بل هو من أهل النار).
لكن هل هو من المخلدين في النار؟ لا.
ليس من المخلدين فيها، وإن مكث فيها مكثاً طويلاً فمآله أن يخرج منها.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام: (ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) فهذا الكلام على أصحاب المعاصي، أما أصحاب الكفر البواح فإنهم سيدخلون النار حتى لو لم يترد من جبل، فمثلاً: نتنياهو اليهودي، ما دام أنه لم يترد من جبل فهل سيدخل الجنة أم ماذا؟ أم هل سيدخل النار ثم يخرج منها إلى الجنة؟ لا.
بل هو في النار مخلداً فيها إن مات على كفره.
وبالمناسبة فهناك من الناس من يعتقد أن اليهود والنصارى في الجنة ويقولون: هؤلاء إخواننا وأحبابنا! بل يزيدون ضلالاً ويقولون: والله إن هذا أحسن من المسلمين.
وهذا من الخطأ الكبير! أن ترفع يهودياً أو نصرانياً أو كافراً -عموماً- فوق المسلم وإن كان أعتى العتاة ما لم يكفر، وإذا صدر منك ذلك فلابد أن تراجع إيمانك فوراً، فإيمانك فيه نظر، وأنت على خطر عظيم جداً، فربما يُخرجك هذا من الإيمان إلى الكفر البواح.
قال عليه الصلاة والسلام: [(إن العبد ليعمل فيما يُرى للناس بعمل أهل الجنة، وإنه لمن أهل النار، وإنه ليعمل فيما يُرى للناس بعمل أهل النار، وإنه لمن أهل الجنة)].
وبعد هذا يبين النبي عليه الصلاة والسلام المسألة هذه، لأن فيها إشكال.
فبالنسبة للجزء الأول: أن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، فهذا رياء وقد انتهينا منه، والله عز وجل يعلم ذلك.
وأما المشكل في الجزء الثاني فهو: أن الرجل يعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس، (وإنه لمن أهل الجنة).
فكيف يكون من أهل الجنة وهو تارك للصلاة والصيام والزكاة والحج وأركان الإسلام وأركان الإيمان؟! حدد النبي عليه الصلاة والسلام الجواب عن هذا السؤال في تمام هذا الحديث فقال: (وإنما الأعمال بالخواتيم).
حتى يحل الإشكال للرد على الجزئية الثانية، ولذلك الرجل الذي رأى أخاه على معصية فقال: والله لا يغفر الله لفلان -والمغفرة بيد الله عز وجل- فغضب الله عز وجل غضباً شديداً، وأخبر نبيه بذلك فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وقال: (من ذا الذي يتألى على الله؟ إن أحدكم يقول: والله لا يغفر الله لفلان، والله تعالى يقول: أشهدكم يا ملائكتي أو يا عبادي أني قد غفرت لفلان وأدخلت فلاناً النار) أي: الذي اغتر بطاعته وحكم على صاحب المعصية بأنه لا يدخل الجنة قط أو لا يغفر الله تعالى له.