وقول الله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد:1].
فيه إعجاز رهيب، ثم أكد هذا التب والخسارة والحسرة والندامة بقوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1] وقد قدر الله تعالى سلفاً وأزلاً، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ وعلى أبي لهب؛ لعلمه بجحوده وإنكاره للنبوة، ومحاربته للرسالة والرسول عليه الصلاة والسلام، وقد كان بإمكان أبي لهب أن يُحرج هذه الآية، ويقول: ربك يا محمد يقول في كتابه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1] وأنا قد آمنت، فمن الذي حال بين أبي لهب وبين الدخول في الإيمان؟ إن الله عز وجل لم يحل بينه وبين الإيمان ظلماً وعدواناً، لكن لعلمه الأزلي أنه لا يقبل الإيمان، ولو كان الأمر متعلقاً بمشيئة العبد لكان بإمكان أبي لهب أن يكذب هذه الآية ويقول: أنا آمنت، مع أنه ما استطاع أن يقولها ولو نفاقاً، وهذه آية تدلك دلالة يقينية على أن كل شيء يقع في الوجود فإن الله عز وجل يعلمه ويكتبه، وقد أذن في وقوعه وخلقه وإيجاده؛ وإن كان المكتسب من الفعل هو العبد.