وشيخ الإسلام ابن القيم عليه رحمة الله له تفسير أوضح من هذا الكلام في تفسير هذه الآية في شفاء العليل، فقال رحمه الله في الباب التاسع في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49].
بعد ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه في مخاصمة قريش للنبي عليه الصلاة والسلام، قال: والمخاصمون في القدر نوعان -أي: الذين تكلموا في القدر نوعان من الناس-: أحدهما: من يبطل أمر الله ونهيه بقضائه وقدره، أي: أنه لا يعتقد أن الأمر والنهي صدر من الله عز وجل، كالذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} [الأنعام:148].
والثاني: من ينكر قضاءه وقدره السابق.
والطائفتان خصماء الله عز وجل.
قال عوف: من كذب بالقدر فقد كذب بالإسلام، ولذلك لا حظ في الإسلام لمن لا حظ له في الإيمان بالقدر.
وقال: إن الله تبارك وتعالى قدر أقداراً، وخلق الخلق بقدر، وقسم الآجال بقدر، وقسم الأرزاق بقدر، وقسم البلاء بقدر، وقسم العافية بقدر، وأمر ونهى كل ذلك من عند الله عز وجل.
قال الإمام أحمد: القدر هو قدرة الله عز وجل، إذا شاء أمراً قال له كن فكان.
قال: واستحسن ابن عقيل -وهو أبو الوفاء بن عقيل - هذا الكلام جداً حينما سمعه عن الإمام أحمد، وقال: هذا يدل على دقة علم أحمد وتبحره في معرفة أصول الدين، وهو بلا شك كما قال، فالقدر هو قدرة الله عز وجل، فإن إنكار القدر إنكار لقدرة الرب على خلق أعمال العباد وكتابتها وتقديرها.
وسلف القدرية كانوا ينكرون علمه بها، وهم الذين اتفق سلف الأمة على تكفيرهم.